حسب ما مرّ ـ أنّ السائل وإن كان سأل عن المطبوع إلّا أنّه بعد كان مشغولا في تتمّة الوصف ، ما كان له أن يبادر بالجواب ، لأنّ الطبخ ربّما يومي إلى كمال طبخ.
ثمَّ إنّ السائل لمّا قال : يلقى عليه من العكر ويهدر ويغلي ويسكن على عكره ، فهم أنّ سؤالهم عن المسكر ، كما فهم سائر الأئمّة عليهمالسلام في أحاديث كثيرة من هذه العبارات ذلك ، ولذا بادروا بالحكم بالحرمة من دون تأمّل ولا استفصال.
فلعلّ استفهامه صلىاللهعليهوآلهوسلم استفهام تقريري ، يومئ إلى ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قد أكثرت عليّ » ، إذ أنّه لا إكثار في مقام التوصيف ، لتوقّفه على إتمام الصفات ، بل مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ من العبارات الأخيرة ظهر أنّ ما ذكرت مسكر فهلّا ذكرت أوّلا بأنّه مسكر واستغنيت بهذا [ عن ] التطويل (١)؟ ويمكن أن يكون سؤاله صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة أنّ العبارة وإن كان ظاهرا إلّا أنّ التصريح أولى ، ويمكن أن يكون العبارة غير ظاهرة لكن لمّا كانت موهمة لذلك سأل (٢).
على أنّه قد ذكر العامّة عن الرسول حكاية عدم شرب [ ما مسّته ] نار أو [ طال ] مكثه (٣) ، وقد أشرنا إلى نبيذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكان العبّاس أيضا في سقاية زمزم ينبذ بالغداة ويشرب بالعشيّ ، كلّ ذلك قد أشير إليها ، فرسول الله أولى بالمعرفة ، بل الظاهر أنّ فعل العبّاس بأمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبالجملة ، لعلّه لا خفاء في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعرف أنّ النبيذ منه حلال ومنه
__________________
(١) في النسخ الخطيّة : ( أنّ ما ذكرت مسكر مهلا ذكرت أولا بأنّه مسكر واستغلب بهذا التطويل ) ، والظاهر أنّ ما يريده المصنّف هو ما ذكرناه.
(٢) في النسخ : ( لذلك سبيل ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.
(٣) لاحظ! سنن النسائي : ٨ / ٣٣١ باب الوضوء ممّا مسّت النار.