بالحرمة ، كما يشير إليه كلام المصنّف (١).
وأمّا الإجماع :
فقد نقل الإجماع على منع حجّية قول الميّت (٢) ، وهذا هو الظاهر من فتاوى المعظم ، ونسب ذلك إلى الشيعة ، وعدّ من ضروريّات دينهم ، كحرمة القياس ، نسبه إلى الشيعة من هو في أعلى درجة الاطّلاع (٣) ، فلو لم يثبت الإجماع على المنع فكيف تثبت الحجّية؟!
نعم ، المشهور عند العامّة حجّية قول الميّت أيضا (٤) ، قياسا على الحيّ. بجامع مظنونيّة الإصابة ، وهذا ـ مع كونه قياسا ـ قياس مع الفارق ، لما أشرنا إليه من أنّ الميّت لا ظنّ له.
وربّما اعترض بأنّ المجتهد الغائب يجوز أن يكون رأيه تغيّر ، فكذا الميّت ، ولا يخفى أنّ هذا الاعتراض في غاية السخافة ، لأنّ المراد بالاعتراض إن كان قياس الميّت بالغائب.
فأوّلا : إنّ القياس عندنا حرام ، وقد عرفت أنّ قول المجتهد من حيث إنّه قوله ليس بحجّة ، حتّى يجوز أن يجعل جامعا ، بل الحجّة هو ما دلّ على اعتباره ، فعلى أيّ قدر تتمّ الدلالة نقول به ، وأمّا الزائد عنه فلا ، لعدم الدليل ، والغائب داخل في الدليل دون الميّت.
بل لو اعتبر مجرّد احتمال تجدّد الرأي مانعا ، لم يكد يتحقّق قول معتبر للمجتهد ، إلّا ما شذّ ، وحمل الأدلّة والألفاظ على الفروض النادرة كما ترى.
__________________
(١) الحقّ المبين ـ المطبوع ضمن الأصول الأصلية ـ : ١٣٨ ذيل الخاتمة.
(٢) لاحظ! منية المريد : ١٦٧ ، معالم الأصول : ٢٤٨ ، مفاتيح الشرائع : ٢ / ٥٢.
(٣) رسائل المحقق الكركي : ٣ / ١٧٦ ، ٢ / ٢٥٣ ، ولمزيد الاطلاع راجع مطارح الأنظار : ٢٥٢ و ٢٥٣ و ٢٨٠.
(٤) لاحظ! منية المريد : ١٦٧ ، معالم الأصول : ٢٤٧.