ويحكم بالتفريق لو اتّفق (١) ، وإن كان الزوج أيضا من أولاد فاطمة عليهاالسلام ، والتفريق بالنسبة إليه وزوجاته في غاية الشدّة ، ونهاية المحنة ، ويكون على الكلّ أعظم مصيبة ، كما اتّفق أنّي شاهدت ما ذكرت.
وأعجب من هذا أنّه يدّعي وفاق جماعة من المتأخّرين معه ، وكلمات بعضهم تنادي بخلاف أنّه وافق الفقهاء ، ومع ذلك أتعجّب أنّه ما قرع سمع واحد منهم أنّ النهي إذا تعلّق بخارج المعاملة لا يقتضي فسادها بلا شبهة ، وأنّه وفاقيّ.
فإن قلت : هؤلاء يدّعون عدم العبرة بما قاله المجتهدون ما لم يرو فيه حديث ، ولم يرو حديث أنّ هذا النهي لا يقتضي الفساد ، ويقولون : فهم الحديث لا يراعى فيه القواعد الأصوليّة ، لأنّها من بدع العامّة ، لأنّ الأئمّة عليهمالسلام كانت مكالماتهم على وفق مكالمات أهل العرف العام مع الناس ، فالحجّة في الحديث فهم العوام ، لا العلماء الأعلام ، لأنّهم يجتهدون ، وعلى قواعده يمشون.
قلت : ما قالوه من أنّ الأئمّة عليهمالسلام كانت مكالماتهم مكالمات العرف والعوام والكلام حقّ صدر منهم ، وقواعد الأعلام ما شيّدت إلّا لتحصيل هذا الفهم ، فأنا متعجّب من أنّ هؤلاء لم لا يراعون ما قالوا ، ويشنّعون على المجتهدين بأنّهم لا يراعون؟!
فلم لا يعرضون فهمهم هذا الحديث على طريقة مكالمات أهل العرف وفهمهم فيها ، فإنّهم إذا سمعوا واحدا يقول لشخص : لا تزوّج فلانة ، فإنّه يبلغ والديك وأجدادك الموجودين فيشقّ عليهم ويؤذيهم بحيث لا يكادون يصبرون ، فتصير عاقّا قاطعا من كلّ واحد واحد ، فهل يفهم أطفالهم وجهّالهم ـ فضلا عن غيرهم ـ من القول المذكور سوى التزويج الشرعي ، وأنّه إذا صارت فلانة
__________________
(١) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٢٣ / ٥٤٤ ـ ٥٤٥.