زوجته شرعا يترتّب عليه الشاقّية والأذيّة والعقوق المزبورة.
كما أنّهم إذا سمعوا واحدا قال لآخر : لا يحلّ لك أن لا تطلّق (١) ابنة عمّك ، فإنّه يبلغ آباءك الموجودين ونسائبك وعمّك فيشقّ عليهم بما لا يصبرون ، فتصير عاقّا قاطعا. إلى غير ذلك من الأمثلة ، مثل : لا تشتر [ الجارية ] الفلانيّة ، لأنّها مغنّية فتدخلك النار ويلزمك العار. إلى غير ذلك.
فعلى هذا الفهم السليم والدرك المستقيم ، يصير حديثهم الّذي استدلّوا به على بطلان العقد خصما لهم ، وحجّة عليهم ، وأنّه بخصوصه يكفي للحكم ، بالصحّة ، من دون حاجة إلى الأدلّة الواضحة الّتي لا تحصى ، كلّ واحد منها كالشمس في الضحى ، بل شموس طالعة ، وأنوار ساطعة ، لا حدّ لها من الكثرة.
سلّمنا ، لكن من أين يحكم بصحّة العقود والإيقاعات الّتي تعلّق بخارجها نهي ، كما ذكرنا سابقا ، بل العبادات أيضا؟!
سلّمنا ، لكن نقول : كما لم يرو حديث يدلّ على أنّ النهي إذا تعلّق بخارج المعاملة لا يقتضي الفساد ، لم يرو أيضا حديث يقتضي الفساد ، فمن أيّ سبب رجّحوا الثاني على الأوّل وأوقعوا أنفسهم في المهالك الّتي لا تحصى ، وخالفوا الأوامر الّتي لا تخفى؟!
فإن قلت : إنّهم لمّا نظروا إلى قوله [ تعالى ] ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ) (٢) ، وأنّه يدلّ على الفساد أيضا بالبديهة ورأوا أنّ هذا الحديث موافق له في العبادات ، حكموا بالفساد هنا أيضا.
قلت :
أوّلا : عرفت عدم دلالة الآية على الفساد ، لأنّه من ضروريّات الدين ،
__________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر أنّ المراد : ( أن تطلّق ).
(٢) النساء (٤) : ٢٣.