وكذلك الحال في سائر الألفاظ واللغات.
وسادسا : لما [ ذا ] لا يقيسون عبارة « لا يحلّ » في هذا الحديث بعبارة « لا يحلّ » في الأحاديث الأخر ، المسلّم عندهم أنّه محمول على الكراهة ، مثل ما رواه الصدوق عنه صلىاللهعليهوآله أنّه « لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله وباليوم الآخر أن تدع عانتها فوق عشرين يوما » (١). إلى غير ذلك ، مع أنّ ذلك غير واجب إجماعا؟!
هذا وغيره من الأخبار الظاهرة في الحرمة حملت على الكراهة ، وهذه الكثرة بمكان لا يحصى ، كما لا يخفى على من له أدنى اطّلاع ، كما أنّ لفظ الوجوب المحمول على الاستحباب أيضا كما مرّ ، بل الإشارة إلى ذلك ، مع أنّ التأكيد الّذي في قوله صلىاللهعليهوآله : « تؤمن بالله واليوم الآخر » يشهد على التحريم ، ومع ذلك حمل على الكراهة.
فإن قلت : ذكر الشيخ المعظم هذا الإيراد في الجملة ، وأجاب عنه بأنّ الأصل حمل الألفاظ على حقائقها ما لم يصرف عنه صارف ، وإلّا لبطلت القواعد والأحكام. هكذا قال ، بعد أن استدلّ بالتبادر على كون « لا يحمل » حقيقة في الحرمة (٢) ، لأنّ التبادر علامة الحقيقة عند علماء الأصول.
قلت : كما أنّ المتبادر من لفظ « لا يحلّ » الحرمة ، يكون الحرمة منه أيضا هو عدم الرخصة خاصّة ، لأنّ المتبادر من الحلّ هو الرخصة وعدم المنع خاصّة ، لا يزيد على ذلك شيء أصلا ورأسا ، كما عرفت مبيّنا.
وأيّ عاقل يمكنه التأمّل في كون معنى كلمة « لا » هو النفي خاصّة ، ومعنى « يحلّ » أنّه لا مانع منه ، وأنّ ما زاد على ما ذكر لا يتبادر ، وأنّ علماء الأصول
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٦٧ الحديث ٢٦٠ ، وهو منقول بالمعنى.
(٢) لاحظ! الدرر النجفيّة : ٢٠٠ ـ ٢٠١.