الفتوى لها ، فلا وجه حينئذ لتقليده ورفع اليد عن الأدلّة ، بل حاله حينئذ حال المجتهد ، فما قلنا في المجتهد جار فيه أيضا ، حتّى أنّه في الحقيقة ليس تقليدا للميّت ، بل عين الاجتهاد منه ، لو صحّ.
وكذا ظهر حال استفصال العامّي منه.
مع أنّك قد عرفت أنّ التقليد في نفسه حرام ، خرج تقليد الحيّ بالنسبة إلى العامّي ، وبقي تقليد الميّت والحيّ بالنسبة إلى غير العامّي داخلا في المنع ، فمثل هذا العالم لو لم يكن حاله حال العامّي لحرم عليه التقليد مطلقا ، وعنده أنّه مجتهد يصحّ اعتماده على فهمه ورأيه ، فكيف يقلّد ومن أيّ دليل؟!
نعم ، الشأن في صحّة معتقده وجواز بنائه عليه.
وإن لم يكن عرف الأدلّة والموافقة (٥) ، فمن أين يعرف الإصابة؟! بل حاله حال العامّي ، وحكاية استفصاله من المجتهد قد مرّت من أوّلها إلى آخرها ، إلّا ما استثناه من أنّ عند العامّي أنّ المجتهد. إلى آخره ، إن لم يكن حاله حاله في هذا ، لكن مع صحّة رأيه عنده كيف يجوز تقليده للمجتهد؟! وكيف يرخّص المجتهد ـ مثل هذا العالم ـ الاعتماد على رأيه في مسألة تقليد الميّت؟! سيّما مع ما فيها ممّا أشرنا ، إلّا أنّ تقليده فيها أيضا ، فيكون حينئذ تقليدا بحتا.
فإن قلت : ورد في بعض الأخبار أمرهم عليهمالسلام بإيراث الكتب للأولاد (٦).
قلت : لا خفاء في أنّ تلك الكتب كانت كتب الأخبار ، ولا شكّ ولا نزاع في أنّ الأخبار لا تموت بموت الراوي ، بل هي حجّة دائما.
على أنّه لا نزاع ولا تأمّل في أنّ كتب الفتاوى أيضا تنفع نفعا عظيما للفقهاء ،
__________________
(٤) في ب : ( يتبرّؤون ).
(٥) في ألف : ( الأدلّة الموافقة ).
(٦) الكافي : ١ / ٥٢ الحديث ١١.