قصدها الأب أم لا ، أو قصد عدمها.
فالعبرة بصحّة العقد على البنت ، لا قصد الأب إيّاها.
والكلام في صحّة العقد وحلّية النظر إلى الأمّ معا ، وأنّه لا يحلّ النظر إلى الأمّ [ إلّا ] بثبوت صحّة العقد ، دور واضح.
الخامس : صحّة العقد عبارة عن تحقّق الأثر بين طرفي العقد ، وهما هنا المتمتّع والمتمتّع بها ، لا أنّها عبارة عن تحقّق الأثر بين أحد طرفي العقد خاصّة وأمر خارج عن العقد أجنبي بالنظر إليه ولا يكون بينهما أثر.
وممّا ذكر ظهر فساد الاستدلال على صحّة هذا العقد بعموم قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) ، وقوله تعالى ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ) (٢) ، فإنّ الكلام الّذي ليس معناه مقصودا ليس بعقد ولا عهد ، سيّما إذا لم يكن تحقّق أثر حادث من جهتها.
مضافا إلى أنّ الأمر بالوفاء تكليف ، والتكليف لا يكون إلّا في الأفعال الاختياريّة ، والصحّة الّتي ثبتت من الآيتين لا تثبت إلّا من هذين الأمرين.
فهذه الصحّة لا تثبت إلّا في الفعل الاختياري للعاقد الّذي أوقع عقده عليه ، وليس فيما نحن فيه فعل اختياري للأب أوقع عقده عليه وأمكنه الوفاء وعدم الوفاء ، إلّا أنّه أمر شرعي بالوفاء ، فتثبت الصحّة من جهة هذا الأمر ، وتتبعه وتتفرّع عليه.
وممّا ذكر ظهر فساد الاستدلال بما ورد في غير واحد من الأخبار من أنّ الأب إذا زوّج ابنته الصغيرة أو ولده الصغير وكذا وكذا. وأمثال ذلك ممّا يدلّ على
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.
(٢) الإسراء (١٧) : ٣٤.