في قرضه.
هذا ، مع أنّ هؤلاء الأعلام طريقتهم ودعواهم عدم التعدّي عن النصوص ، فأيّ نصّ ورد في اتّحاد حالهما؟! ومع العدم فكيف يستدلّون بأمثال هذه الرواية؟ سيّما ويبطلون بها ما دلّ عليه أدلّة الفقهاء الكثيرة الصحيحة الواضحة الدلالة ، فتأمّل!
ومنها : رواية مسعدة بن صدقة ، إذ بالتأمّل يظهر أنّ حالها حال رواية محمّد بن إسحاق بن عمّار ، بل وأسوأ حالا ، إذ ليس فيها ما يشير إلى مشارطة أصلا وبوجه من الوجوه.
مع أنّ فيها إشكالا آخر من جهة قوله عليهالسلام : « قد فعل [ ذلك ] أبي وأمرني أن أفعل ذلك » (١) ، لأنّ الشيعة ما كانوا يتعاملون مع إمامهم هذه المعاملة وهذه المضايقة بلا شبهة ، كما لا يخفى على المتأمّل المنصف ، لأنّهم ما كانوا يضايقون في تأخير دينهم الّذي على إمامهم مع أنّهم كانوا يعتقدون بأنّه أولى منهم بأنفسهم وأموالهم ، سيّما عوامّهم ، فإنّ حميّتهم في دينهم وسماحتهم في مالهم بالنسبة إلى سيّدهم ومولاهم ومن كان أعزّ عندهم من أموالهم وأولادهم ، بل وأنفسهم أيضا كانت أزيد من حميّة فضلائهم ، وسماحتهم أكثر من سماحة فقهائهم وعلمائهم.
ومع ذلك يبعد في النظر غاية البعد أنّ علماءهم كانوا يفعلون بالنسبة إليهم هذه الأمور ، سيّما وهم كانوا يخرجون أموالا ويصرفونها في طريق محبّتهم وسلوك سبيل إرادتهم ، مثل زيارتهم وصلاتهم وغيرهما ممّا كانوا يتوصّلون به إلى قربهم ومودّتهم ورضاهم وفرحهم ، وخصوصا بعد ملاحظة أنّ طريقة النبي
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٥٤ الحديث ٢٣١٢٧ ، وقد مرّت الإشارة إليه آنفا.