مضافا إلى ما عرفت من أنّ الحيلة لا تتأتّى في الأحكام الشرعيّة ، بل تتأتّى في موضوعات الأحكام ، فلا يمكن تحقّق الحيلة بعنوان الشرط ، كما عرفت من أنّ المنفعة المحرّمة لو كانت شاملة للمعاملة المحاباتيّة فلا يمكن الحيلة ، وإلّا فلا تتحقّق الحيلة ، بل هو تخصيص أو تقييد وحكم على حدة.
وهؤلاء الأعلام يدّعون أنّ حيلتهم ليست بحيلة بل يسمّونه حيلة ، وإلّا ففي الواقع حكم شرعي برأسه ، مع أنّ الظاهر من أخبارهم كونها حيلة ، سيّما رواية الديلمي.
وأيضا ، أمثال هذه الأخبار لا تلائم ما ادّعاه هؤلاء الأعلام من احتمال الكراهة في الأخبار المخالفة لهذه الأخبار ، إذ كيف يصير أنّهم عليهمالسلام في الأخبار الصحيحة يقولون : من أقرض ورقا فلا يشترط شرطا سوى ورقه الّذي أعطاه (١).
وفي القرض والسلم يقولون : « لا يصلح ، إذا كان قرضا يجرّ شيئا فلا يصلح » (٢) ، بهذا التأكيد يقولون ، بل في استحلال الربا في البيع (٣) قالوا ما به يظهر أنّه في أعلى درجات الحرمة. إلى غير ذلك ممّا مرّ.
وفي هذه الأخبار يقولون : لا بأس مطلقا ، لأنّه نكرة في سياق النفي ، ولا يكتفون به أيضا ، بل يقولون : نحن أيضا نفعله ، وحاشاهم عليهمالسلام أن يكونوا ممّن يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم ، وممّن يقولون ما لا يفعلون ، ويعظون بما لا يتّعظون ، وينهون عمّا لا ينتهون.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٥٧ الحديث ٢٣٨٤٠ ، وفيه : ( من أقرض رجلا ورقا فلا يشترط إلّا مثلها. ).
(٢) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٥٦ الحديث ٢٣٨٣٨.
(٣) في النسخ : ( الربا والبيع ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.