وفسادها إن كانت على خلاف ظنّه وإن كانت مطابقة للواقع ، بل وحرمتها وعدم جواز فعلها ، بل ووجوب فعلها مخالفة لما أمر به كما أشرنا. وفساد هذا بديهي ، وأنتم أيضا متحاشون عنه.
وأيضا ، يلزم على هذا عدم العقاب على ترك العلم والمعرفة (١) ، بل وكون الظنون الفاسدة علما ومعرفة متّصفة بصفة الوجوب الشرعي ، ويترتّب عليها الثواب والعقاب.
وما ذكر أيضا فاسد قطعا ، مخالف للأدلّة القطعيّة ، واتّفاق جميع المسلمين ، وأنتم أيضا متحاشون عنه.
فإن قلت : تقليد المجتهد أيضا مظنّة.
قلت : نعم ، لكن ليس كغيره ، للإجماع على اعتباره ، وقضاء الضرورة به ، وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار عليه ، وآية ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ ) (٢) دالّة على اعتباره ، وكذا حديث : فإذا كان العالم كذا وكذا فللعوام أن يقلّدوه (٣). وغير ذلك.
مع أنّه مركوز في خواطر كلّ واحد أنّ كلّ أمر مجهول يرجع فيه إلى أهل خبرته والماهر في فنّه (٤) ، فإذا أراد أن يعرف أنّ درهما هل هو زيف (٥) أم لا يرجع فيه إلى الماهر في المعرفة ، ويبذل جهده في تحصيل الماهر وفي معرفته. وكذا إذا أراد معرفة عيب شيء وإن كان أقلّ من درهم. وكذا يرجع إلى الطبيب
__________________
(١) في ب : ( ترك العمل والعلم ) وفي د : ( ترك العمل والمعرفة ).
(٢) التوبة (٩) : ١٢٢.
(٣) لاحظ! الاحتجاج للطبرسي : ٢ / ٢٦٣ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٣١ الحديث ٣٣٤٠١.
(٤) في ب ، د ، ه : ( والماهر فيه ).
(٥) درهم زيف ، أي : رديء. مجمع البحرين : ٥ / ٦٨.