في المرض ، ولو رجع إلى غيره يكون (١) آثما بالبديهة ، مع أنّه فساد أو هلاك دنيوي ، فكيف لا يرجع إلى أطبّاء الأديان؟ مع أنّ خطأه فساد أخرويّ وهلاك سرمديّ! فتأمّل.
فإن قلت : قد ورد في بعض الأخبار حكم الشارع بصحّة عبادة الجاهل ، حيث سأله بأنّه فعل كذا وكذا ، فأجاب بما دلّ على الصحّة (٢).
قلت : هو كما هو ظاهر في الصحّة كذلك ظاهر في عدم وجوب العلم والمعرفة ، حيث ما أنكر عليه أصلا ، بل ولا عاب (٣) عليه مطلقا ، بل وقرّره على ذلك ، فما هو جوابك عن هذا فهو الجواب عن ذلك.
على أنّه لا شكّ في أنّ العبادات ليست ممّا يمكن معرفتها من لغة أو عرف أو عقل ، إذ ليس لأمثال هذه الأمور طريق إليها أصلا وقطعا ، ولا يمكن جعلها واختراعها عند أدائها على حسب ما هو الواقع (٤). بل لا بدّ من أنّه إمّا تقليد من الراوي ، أو اجتهاد من العمومات الشرعيّة ، وهذا الاجتهاد صحيح البتّة ، سيّما بالنسبة إلى ذلك الزمان.
وأمّا التقليد ، فربّما يكون فاسدا ، وربّما يكون صحيحا ، فمن أين ثبت كون فعل الراوي تقليدا فاسدا حتّى تستدلّون به على أنّ الأصل في أفعال المسلمين الحمل على الصحّة؟!
بل الظاهر من حال هؤلاء الرواة عدم التقليد أصلا ، فضلا عن أن يكون تقليد امرأة أو عامّي جاهل ، بل ربّما يحصل بالتأمّل العلم بأنّه لم يكن كذلك.
__________________
(١) في ألف ، ب ، ج ، ه : ( فيكون ).
(٢) لاحظ! تهذيب الأحكام : ٥ / ٧٢ الحديث ٢٣٩ ، وسائل الشيعة : ١٢ / ٤٨٨ الحديث ١٦٨٦١.
(٣) ألف ، ب ، ج ، د : ( عاتب ).
(٤) في ألف : ( حسب ما هو في الواقع ).