وسؤاله عن الشارع عليهالسلام لا يقتضي أنّه ما كان عالما (١) ولا ظانّا بوجه من الوجوه ، إذ قد عرفت أنّه محال أن يصدر عنه ذلك مطابقا لما في الواقع مع عدم الظنّ أيضا. وكذا لا يقتضي أن يكون تقليدا للمرأة والجاهل (٢) ، بل لتصحيح اجتهاده ، كما هو غير خفيّ.
فإن قلت : يلزم من اشتراط المعرفة الحرج في الدين.
قلت : إن أردت أنّ نفس ذلك حرج ، فلا يخفى فساده ، لأنّ المعرفة من الفرائض العينيّة بالإجماع والأدلّة المتواترة ، مع أنّ من هو مسلم يعلم مجملا (٣) أنّ في الدين تكليفات ، واجبات ومحرّمات لا بدّ من امتثالها ، وأنّه فرع معرفتها ، مع أنّ جميع العلماء والصلحاء المرشدين (٤) في مقام الوعظ وغيره أبلغوا ـ غاية الإبلاغ ـ أنّ معرفة التكليفات واجبة ، فتارك المعرفة داخل في النار البتّة ، تكون عباداته (٥) صحيحة أم فاسدة.
نعم ، لو كانت فاسدة يكون عذابه أشدّ ، وهذه الأشدّية لا دخل لها في حكاية الحرج وعدمه ، بعد أن يكون التكليف البتّة ثابتا ، والدخول في النار متحقّقا (٦).
مع أنّ الإنسان مخلوق للمعرفة والعبادة والتشرّع (٧) بالأحكام
__________________
(١) ألف : ( عارفا ).
(٢) في د : ( أو الجاهل ).
(٣) في ب : ( مع أنّ ما من مسلم إلّا ويعلم مجملا ) ، وفي ج ، ه : ( وكلّ مسلم يعلم مجملا ) ، وفي د : ( مع من سلم يعلم إجمالا ).
(٤) في ب : ( والمرشدين ).
(٥) في ألف : ( عبادته ).
(٦) في ج : ( محقّقا ).
(٧) في ب ، ج ، ه : ( والتشريع ).