النفي إيجاب. واستثناء الدرهم يرجع إلى ما يليه فقط ، ولا يجوز أن يرجع إلى جميع ما تقدم لسقوط الفائدة ، وإذا كان الاستثناء الثاني معطوفا على الأول ، كانا جميعا راجعين إلى الجملة الأولى ، فلو قال : علي عشرة إلا ثلاثة وإلا درهما ، كان إقرارا بستة.
وإذا استثنى بما لا يبقى معه من المستثنى منه شيء بطل ، لأنه بمنزلة الرجوع عن الإقرار فلا يقبل ، وإن استثنى بمجهول القيمة (١) كقوله : علي عشرة إلا ثوبا ، فإن فسر قيمته بما يبقى معه من العشرة شيء صح ، وإلا بطل ، ويجوز استثناء الأكثر من الأقل وفي القرآن ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ) (٢) وفيه ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (٣) فاستثنى من عباده الغاوين مرة ، والمخلصين أخرى ، ولا بد أن يكون أحد الفريقين أكثر من الآخر.
إذا قال : له علي كذا درهم ، بالرفع ، لزمه درهم واحد ، لأن التقدير هو درهم أي الذي أقررت به درهم. وإن قال : كذا درهما ، فقيل : لزمه درهم واحد لأنه أخرجه مخرج التفسير (٤) وقيل (٥) لزمه عشرون درهما ، لأن ذلك أقل عدد انتصب الدرهم بعده ، فيجب حمله عليه ، وإن قال : كذا درهم ، بالخفض لزمه أقل من درهم ، فبأي قدر فسره قبل منه ، لأنه يحتمل أن يريد بعض درهم ، لأن « كذا » عبارة
__________________
(١) في « س » : لمجهول القيمة.
(٢) الحجر : ٤٢.
(٣) ص : ٨٢.
(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : لأن درهما أخرجه مخرج اليقين والصحيح ما في المتن لأن هذا القول ذهب إليه القاضي وقال : إذا قال لك علي كذا درهما ، كان عليه درهم واحد ، لأنه أخرجه مخرج التفسير. لاحظ جواهر الفقه : ٨٩ ، المسألة ٣٢٧.
(٥) الشيخ : الخلاف ، كتاب الإقرار ، المسألة ٨ وابن زهرة : الغنية ـ الينابيع الفقهية ـ ١٢ ـ ١٨٤.