الالتزامية ينبغي القول بانتزاعه من ذي اليد وتوزيعه بينهما بالسوية كما إذا لم يكن في البين صاحب اليد ، ولا أظن أحداً يلتزم بذلك ، وذلك من أقوى الشواهد على ما ذكرناه من سقوط الدلالة الالتزامية وإن كانا متوافقين فيها.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الانتزاع من ذي اليد موقوف على قيام البيّنة على خلاف يده ، وقيام البيّنة على ملكية الغير ليس قياماً للبيّنة على خلاف اليد إلاّ باللازم ، والشهادة إنّما تكون شهادة بالنسبة إلى المدلول المطابقي دون المدلول الالتزامي ، وهذا بخلاف البيّنة القائمة على ملاقاة الماء القليل لدم مثلاً فإنّها وإن لم تكن شهادة بالنجاسة ، إلاّ أنّا نحن بعد ثبوت الملاقاة ننتقل إلى لازمها الذي هو النجاسة ، وهذا الترتّب كافٍ في الحكم بالنجاسة ، بخلاف الانتزاع من ذي [ اليد ] فإنّه يتوقّف على الشهادة على عدم ملكيته ، والشهادة إنّما كانت في المدلول المطابقي دون المدلول الالتزامي.
وفيه تأمّل ، فإنّ البيّنة القائمة على ملكية غير ذي اليد كافية في الانتزاع لو لم يكن في البين معارض ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ ما ذكرناه من أنّ الحكم في الروايات هو التخيير عند التعارض والتكافؤ قليل الابتلاء جدّاً ، إذ لم نجد مورداً في الفقه قد عملوا فيه على التخيير ، هذا ما كنّا حرّرناه سابقاً.
ولكن الأولى أن يقال في وجه نفيهما الثالث : هو أنّ كلاً من الروايتين مشمولة في حدّ نفسها لدليل حجّية السند أعني صدّق العادل ، إلاّ أنّا إنّما قلنا بعدم الشمول للمتعارضين باعتبار عدم ترتّب الأثر بواسطة التعارض ، فلا تكون حينئذ نتيجته إلاّوجوب التصديق فيما يكون في حدّ نفسه مجملاً ، وهذا إنّما يكون فيما لا يكون في البين أثر إلاّذاك الأثر وهو الاجمال ، على وجه لو كان لذلك المجمل