القائمة على جنون الموكّل والأُخرى القائمة على موته ، لا يمكننا الحكم بانعزال الوكيل إلاّبعد الارجاع إلى القدر الجامع.
ومن ذلك يتّضح لك الحال في تعارض بيّنتي الخارجين ، فإنّا لا نحكم بانتزاع المال من ذي اليد وتقسيمه بينهما ، لأنّ كلّ واحدة من البيّنتين لا تشهد بعدم ملكية ذي اليد ، نعم نحن بعد ثبوت أنّه لزيد مثلاً الذي هو الخارج نحكم بانتزاعه من ذلك ، أمّا إذا تعارضت البيّنات فلم يثبت أنّه لزيد ولم يثبت أنّه لعمرو ، وحينئذ تبقى يد صاحب اليد محكّمة ، فلا نحكم بانتزاعه منه.
ومن ذلك ما لو قال : يجب إكرام العلماء ، وقال : يستحبّ إكرام الصرفيين ، وقال : يكره إكرام النحويين ، وتعارضا في النحوي الصرفي ، [ فإنّه ] نرجع فيه إلى عموم يجب إكرام العلماء.
وكذلك الحال لو قال ـ بعد قوله يجب إكرام العلماء ـ : يحرم إكرام الفاسق من العلماء ، وقال : يكره إكرام الفاسق منهم ، فإنّا بعد التعارض نرجع إلى عموم يجب إكرام العلماء ، وذلك لأنّ هذين الخاصّين لا يدلاّن دلالة لفظية على عدم الوجوب في مورد المعارضة ، وأقصى ما في البين هو أنّا نقول إنّه إذا ثبت حرمة إكرام ذلك الخاصّ انتفى عنه الوجوب ، وحينئذ نقول : إنّ التعارض قد أوجب عدم ثبوت الحرمة وعدم ثبوت الكراهة ، وإذا لم يثبت كلّ من الحرمة والكراهة لم يكن مانع من كونه محكوماً بحكم العام الذي هو الوجوب ، إذ لم يدلّ كلّ من الخاصّين دلالة لفظية التزامية على نفي الوجوب.
وبالجملة : ينبغي التأمّل في الصغريات ، وأنّ المقام من قبيل الدلالة اللفظية ، أو هو من قبيل الانتقالات القهرية التابعة لثبوت المنتقل عنه ، فلاحظ وتأمّل.