لأحدهما في الحكم ومخالفاً للآخر ، ولا يمكن القول بأنّه بعد خروج ما ينفرد فيه الخاصّ الآخر المخالف للعام الفوق عن ذلك العام تنقلب النسبة بين ذلك العام الفوق وذلك الخاصّ المخالف له إلى العموم من وجه.
ولكن ما نحن فيه خارج عن هذه القاعدة لخصوصية فيه ، فإنّ قوله : أكرم العلماء غير نحاة الكوفة وإن كانت النسبة بينه وبين قوله : لا تكرم النحاة هي العموم من وجه ، فيجتمعان في نحاة البصرة ، وينفرد الأوّل في العالم غير النحوي ، وينفرد الثاني في نحاة الكوفة ، فلو ورد عام فوق الجميع وهو أكرم العلماء ، لم يكن ذلك العام الفوق شاملاً لما ينفرد فيه الثاني وهو نحاة الكوفة ، لأنّ كلاً من هذين العامين من وجه حاكم بعدم وجوب إكرامهم.
أمّا الثاني وهو قوله لا تكرم النحاة فواضح.
وأمّا الأوّل ، فلأنّ قوله أكرم العلماء غير نحاة الكوفة ينحلّ إلى حكمين : إيجابي وهو وجوب إكرام العلماء ، وسلبي وهو عدم وجوب إكرام نحاة الكوفة ، وبهذا الجزء السلبي يكون حاكماً بعدم وجوب إكرام نحاة الكوفة ، فيخرجون حينئذ عن قوله إكرام العلماء ، فصار خروجهم عن ذلك العام الفوق من قبيل القدر المتيقّن ، فكان ذلك الخروج المتيقّن كالقرينة المتّصلة بذلك العام الفوق ، وصار حال ذلك العام الفوق حال الدليل الأوّل أعني قوله أكرم العلماء غير نحاة الكوفة ، وتكون النسبة بينه وبين الدليل الثاني ـ أعني قوله : لا تكرم النحاة ـ هي العموم من وجه ، وحينئذ لا يمكن تحكيم ذلك العام الفوق في مورد الاجتماع أعني نحاة البصرة.
هذا غاية ما توفّقت له في تقريب ما أفاده قدسسره في توجيه انقلاب النسبة في هذا المقام.