قال في تحرير السيّد ( سلّمه الله تعالى ) : ومن هنا يظهر أنّه لا فرق في انقلاب النسبة في فرض اتّصال المخصّص بالعام بين ما إذا كان هناك عام آخر غير متّصل به الخاصّ وبين عدمه ، ضرورة أنّ العام الآخر بعد وجود العام المخصّص بالمتّصل لا يكون حجّة في غير ما يكون العام المتّصل حجّة فيه ، فلا محالة يكون الظهور فيه منقلباً قبل ملاحظة التعارض بينه وبين المخصّص الآخر ، فلابدّ من ملاحظة التعارض بينه بعد التخصيص بالمتّصل وبين الخاصّ الآخر ، فتنقلب النسبة إلى العموم من وجه كما هو ظاهر.
وإن شئت قلت : إنّ نسبة المخصّص الغير المتّصل إلى العام الفوق وإن كان هو العموم والخصوص المطلق ، إلاّ أنّه لا يصلح لكونه مخصّصاً له ، فإنّ المفروض معارضته بالعموم من وجه مع العموم المتّصل به المخصّص ، والخاصّ المبتلى بالمعارض لا يصلح للتخصيص ، فيكون العام الفوق من أطراف المعارضة أيضاً (١).
ولا يخفى أنّ ما أفاده بقوله : وإن شئت قلت الخ ناقض لما أفاده أوّلاً من جعل العام المتّصل مخصّصاً للعام الفوق ، لأنّ الخاصّ الآخر المعارض للعام المتّصل بالخاص مانع من تخصيص العام الفوق به ، ثمّ بعد فرض المعارضة بين الخاصّين كيف يكون العام الفوق من أطراف المعارضة ، لأنّ مقتضى المعارضة بين الخاصّين هو تساقطهما والرجوع بعد التساقط إلى العام الفوق ، فلاحظ وتأمّل فإنّ العمدة هو كون ذلك العام المخصّص بالمتّصل منحلاً إلى جزأين إيجابي وسلبي ، فيتّحد هو والخاص الآخر في نفي حكم العام عن النحوي البصري كما
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤.