شرحنا ، فلاحظ.
قوله : والدليل المبتلى بالمعارض لا يمكن أن يعنون العام ويصير مخصّصاً له ... الخ (١).
قد يتوهّم أنّ قوله : لا تكرم النحاة إذا كان غير صالح لإخراج مورد الاجتماع ـ أعني نحاة البصرة ـ عن العام الفوق لأجل ابتلائه بالمعارض وهو قوله : أكرم العلماء غير نحاة الكوفة ، فلا محيص عن كون العام الفوق محكّماً فيه ، فيكون ذلك نقضاً لما رامه قدسسره من انقلاب النسبة بين العام الفوق وقوله : لا تكرم النحاة ، فإنّ عمدة الغرض من ذلك هو عدم تحكيم العام الفوق فيما هو مورد الاجتماع.
وفي هذا التوهّم ما لا يخفى ، فإنّ العام الفوق ـ أعني قوله : أكرم العلماء ـ قد خرج منه نحاة الكوفة قطعاً ، لاتّفاق الدليلين على خروجهم عنه ، ويبقى الأمر بالنسبة إلى نحاة البصرة الذي هو مورد الاجتماع.
ولا يمكن أن يكون قوله : لا تكرم النحاة مخرجاً لهم عن ذلك العام ، وإن كان هو في حدّ نفسه أخصّ منه ، لابتلائه بالمعارض الذي هو قوله : أكرم العلماء غير نحاة الكوفة ، ولو أمكن ذلك لم تنقلب النسبة بل كان مختصّاً بما عدا النحاة ، وكان قوله : لا تكرم النحاة شاملاً لكلّ من نحاة الكوفة ونحاة البصرة ، لكن لمّا لم يمكن إخراج نحاة البصرة عن العام الفوق وبقي شاملاً لهم ، مع فرض أنّه قد خرج منه نحاة الكوفة ، فلا جرم يكون بينه وبين لا تكرم النحاة عموم من وجه ، كالعام المخصّص بالمتّصل أعني قوله : أكرم العلماء غير نحاة الكوفة ، فيكون مثله في معارضته لقوله : لا تكرم النحاة ، في مورد الاجتماع الذي هو نحاة البصرة.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٤٥.