قوله : الصورة الثالثة : ما إذا ورد عام وخاصّان وكانت النسبة بين الخاصّين العموم من وجه ، كما إذا قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا تكرم النحويين ، وقال أيضاً : لا تكرم الصرفيين ، ولا إشكال في تخصيص العام بكلا الخاصّين ، فيكون مجمع تصادق الخاصّين وهو الصرفي النحوي مورداً لكلا الخطابين (١).
مثاله في الروايات الشريفة ما ورد في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام « سألته عن البول يصيب الثوب ، قال عليهالسلام : اغسله مرّتين » (٢) وهذا هو العام ، وأمّا ما في قباله من الخاصّين المتوافقين في الحكم اللذين يكون بينهما العموم من وجه ، فأحدهما قوله عليهالسلام في صحيح زرارة : « لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه » (٣) وفي موثّقة عمّار : « كلّ ما أُكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه » (٤) ، والآخر قوله عليهالسلام في مصحّح أبي بصير : « كلّ شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه » (٥) ونحوها غيرها ، وبينهما عموم من وجه ، وكلّ واحد منهما أخصّ مطلقاً من العام المذكور وهو قوله عليهالسلام : « اغسله مرّتين » فإنّه شامل لبول ما يؤكل طيراً كان أو غيره ، ولبول الطير مأكولاً كان أو غيره ، ومقتضى القاعدة خروجهما معاً في رتبة واحدة عن العموم المذكور ، فيبقى العام منحصراً بما لا يؤكل ولم يكن طيراً.
ولكن لمّا كان الخاصّ الثاني وهو قوله عليهالسلام : « كلّ شيء يطير فلا بأس ببوله
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٤٥.
(٢) وسائل الشيعة ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ٣ : ٤٠٧ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ٤.
(٤) وسائل الشيعة ٣ : ٤٠٩ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٢.
(٥) وسائل الشيعة ٣ : ٤١٢ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ١.