آخر ، وكذا بالنسبة إلى شخص دون غيره وفي بلد دون غيره فالمناط هو استهجان الفعل في نظر أهل الشرف والديانة وذوي العقول الصافية.
نعم ، بعض ما ذكروه مما اتفقت عليه العادات في جميع الأحوال ، فيسقط به المروة مطلقا ، إلّا إذا كان لعذر ، كتقبيل الزوجة في المحاضر ، وحكاية الخلوة فيها ، ونحو ذلك.
ومما يختلف به الحال ، اختلاف القصد والنية ، كما سمعت في بعض ما ذكر ، مثل نقل الماء والأطعمة إلى بيته إذا كان ذلك عن شحّ دون الاستكانة والاقتداء بالسلف.
قال المقدّس الأردبيليّ بعد ذكر عدم منافات قصد الاستكانة فيه للمروة ، فذلك ليس من ترك المروّة في شيء ، بل من الطاعات والقربات والامتياز بالقصد ، ويعرف ذلك من أفعال الناس وأعمالهم وأخلاقهم ، مثل أن يكون عادته أن يأكل ما يجد ويلبس كذلك ، ويفعل ما تيسّر ، ويجلس على الأرض والتراب ، ويأكل عليها من غير سفرة ، ويجلس جلسة العبيد ، ويأكل أكلهم ، كما نقل عن فعل النبيّ (١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جواب من سأل عن ذلك : « ويحك من أولى منّي بالعبودية حتّى لا أفعل أنا فعل العبيد ، ولا أجلس جلستهم ، ولا آكل أكلهم » (٢) ، انتهى.
ومن هنا يظهر ما في تعليل المحدّث المجلسي لنفي اشتراط المروة مطلقا ، بظهور خلافه من الأخبار ، بقوله : ومن كان أشرف من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان يركب الحمار العاري ، ويردف من خلفه ، ويأكل ماشيا إلى الصلاة ، كما روي (٣) ، انتهى.
فإنّ فعله المنزّه عن القبائح لا يقاس عليه فعل غيره ، مع إمكان الاختلاف في الحسن والقبح عن مثله مطلقا.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٤ : ٣٧٢ ، الباب ٦٨ من أبواب آداب المائدة ، الرواية ٣٠٨١١.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٣١٤.
(٣) بحار الأنوار ١٦ : ٢٨٥ ، الباب ٩ ، الحديث ١٣٦ ؛ و ٨٨ : ٣٠ ، الباب ٢ ، الحديث ١.