مضافا إلى ظهور بعض تلك الروايات في كونه في بيان الرخصة في عموم الأوقات حتى المكروهة ، دفعا لتوهّم الحظر فيها ، كرواية الرازي المتضمّنة للسؤال عن فعل القضاء عند طلوع الشمس الممنوع عند أبي حنيفة على ما حكي عنه ، وصحيحة يعقوب ، وظهور بعضها في بيان كيفية القضاء قصرا وإتماما ، سفرا وحضرا ، على مثال المقضيّ عنه ، كالصحيحة الرابعة.
وثانيا : أنّ أخبار المواسعة قرائن ظاهرة لإرادة الاستحباب من تلك الأوامر على تسليم دلالتها ، كما يشهد به فهم العرف ، سيما مع شمول كثير منهما لقضاء المندوبة المانع عن حمله على الوجوب ، والمخصّص بالفريضة مع تمام الشواهد المقدّمة (١).
وترجيحه على الحمل على الندب ممنوع جدّا ، سيما مع ورود الطلب في جملة منها بلفظ الخبر الذي نصا في الوجوب ، بل منعه مطلقا ولو ظهورا بعض المحققين.
وثالثا : أنّ ما ذكرنا من أخبار المواسعة يعارضها ، وهي راجحة عليها بوجوه سنشير إليها.
هذا ، ويرد على الاستدلال بأخبار المضايقة على بطلان الحاضرة عند تقديمها على الفائتة ، كما هو ظاهر أكثر أصحاب التضييق : أنّه مبنيّ على اقتضاء الأمر بالمضيّق فساد الواجب الموسّع ، لو أتى به ، وهو خلاف التحقيق ، لا لتعارض الأمرين ، بل لأنّ فورية الواجب لا ينافي طلب ضدّه موسّعا عند العصيان بترك المضيّق عرفا ، ألا ترى أنّه إذا أمر السيّد عبده بشراء ثوب في سعة شهر ، ثم أمر به مضيقا في يوم منه بفعل يضادّه ، فيتركه واشترى الثوب في هذا اليوم عدّ ممتثلا في المطلوب الموسّع ، وإن كان عاصيا ومعاقبا بترك المضيّق ، وقد أشبعنا الكلام فيه في كتابنا المراصد.
__________________
(١) في الأصل : « لم تعدّ به » مكان « المقدّمة ».