الدليل على وجوب الترتيب على القول به إن كان الأخبار الدالّة على الفورية المستلزمة للترتيب ، فهي غير مقتضية لبطلان الحاضرة مطلقا ، عمدا أو سهوا ، وإن جعل العصيان بتأخير الفائتة عنها ، لما بيّنا في مقامه من عدم منافاة الأمر بالمضيق للأمر الموسّع بضدّه الخاصّ المقتضي للإجزاء ، على تقدير العصيان بترك المضيّق في أوّل الوقت المشترك ، كما أشرنا إليه آنفا ، وكذا الحال على البناء في الاستدلال على الترتيب بالأخبار الآمرة بالبدأة بالفائتة ، باعتبار استفادة الفورية منها.
وأمّا إذا كان بناء الاستدلال على الأخبار المصرّحة بوجوب الترتيب ، فالظاهر اقتضائه بطلان الحاضرة ، عمدا كان تقديمها أو نسيانا ، لأنّ الأمر المتعلّق بوصف العبادة يفيد الشرطية المقتضية لفساد العبادة بدونه مطلقا ، كما حقّق في محلّه ، ومن المعلوم ، أنّ تلك الشرطية ليست مما يرجع إلى الفائتة ، لصحّتها بعد الحاضرة ، ويعم صورتي العمد والنسيان ، ويوجب الإعادة مع بقاء الوقت ، إلّا أن يجعل الإجماع المحكيّ في المختلف وغيره من صحة الحاضرة عند النسيان والتذكر بعد الفراغ ، دليلا مخرجا للقاعدة في المقام ، كما في الحاضرتين المترتبتين المشتركتين في الوقت إذا حصل التذكّر بعد الفراغ عن اللاحقة قبل السابقة. والله العالم بحقائق أحكامه.