خارج العقل ، مثلاً يقول العقل بقبح تقدّم المفضول على الفاضل ، أمّا من هو المفضول ؟ ومن هو الفاضل ليقبح تقدّم المفضول على الفاضل بحكم العقل ؟ هذا يرجع إلى السنّة ، إذنْ رجعنا إلى السنّة.
والسنّة أيضاً قد أشرنا إلى قواعدنا في إمكان التمسّك بها ، وإثبات مدّعانا واحتجاجنا على ضوئها ، فنحن لا نستدل على أهل السنّة بكتبنا ، كما لا يجوز لهم أن يستدلّوا بكتبهم علينا.
نصّ على ذلك عدّة من أكابر علمائهم ، كابن حزم الأندلسي في كتابه الفصل ، فإنّه ينصّ على هذا المعنى ويصرّح بأنّه لا يجوز الاحتجاج للعامّة على الإمامية بروايات العامّة ، يقول :
لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا ، فهم لا يصدّقونها ، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها ، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجة به ، سواء صدّقه المحتج أو لم يصدّقه ، لأن مَن صدّق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضروري ، فيصير حينئذ مكابراً منقطعاً إن ثبت على ما كان عليه (١).
إنّ من الواضح أنّ الشيعي لا يرى حجّية الصحيحين فضلاً عن
__________________
(١) الفصل في الأهواء والملل والنحل ٤ / ١٥٩.