ان المائع النجس بالغليان يطهر ، الّا ما خرج بالدليل من العصير ، إذا ذهب بالنّار والغليان ثلثاه ، فقد طهر وحلّ ثلث الباقي ، على ما يأتي بيانه (١).
وكل طعام حصل فيه شيء من الميتات مما له نفس سائلة ، فإنه ينجس بحصوله فيه ، ولا يحل استعماله ، فان كان ما حصل فيه الميتة جامدا ، مثل السمن ، والعسل ، القي منه وما حوله ، واستعمل الباقي ، وان كان ما حصل فيه الميتة مائعا ، لم يجز استعماله ، ووجب إهراقه ، وان كان دهنا ، مثل الشيرج والبزر ، جاز الاستصباح به تحت السماء ، ولا يجوز الاستصباح به تحت الظلال ، لأنّ دخانه نجس ، بل تعبّد تعبّدنا به ، لان دخان الأعيان النجسة ورمادها طاهر عندنا بغير خلاف بيننا ، ولا يجوز الادهان به ، ولا استعماله في شيء من الأشياء ، سوى الاستصباح تحت السّماء.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة ، في كتاب الأطعمة ، وروى (٢) أصحابنا انّه ، يستصبح به تحت السّماء ، دون السّقف ، وهذا يدل على ان دخانه نجس قال رحمهالله : غير ان عندي ان هذا مكروه ، فاما دخانه ودخان كل نجس من العذرة وجلود الميتة ، كالسرجين والبعر ، وعظام الميتة ، عندنا ليس بنجس واما ما يقطع بنجاسته ، قال قوم دخانه نجس ، وهو الذي دلّ عليه الخبر (٣) الذي قدمناه من رواية أصحابنا ، وقال آخرون وهو الأقوى ، انه ليس بنجس ، فاما رماد النجس فعندنا طاهر ، وعندهم نجس ، وانما قلنا ذلك ، لما رواه (٤) أصحابنا من جواز السجود على جص ، أوقد عليه بالنجاسات ، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطة (٥).
قوله رحمهالله « وروى أصحابنا انه يستصبح به تحت السّماء دون السقف ،
__________________
(١) في ص ١٢٩.
(٢) الوسائل ، الباب ٤٣ من كتاب الأطعمة والأشربة ح ١ ـ ٢ ـ ٣ ـ ٤ ـ ٥ ـ وفي الجواهر ج ٣٦ ص ٣٨٥ ، لكن إطلاق النصوص يقتضي خلافه بل في كشف اللثام ، لم نظفر بخبر مفصل ولا ناه عن الاستصباح مطلقا أو تحت الأظلّة ، فراجع.
(٣) إشارة إلى الرواية المتقدمة التي نقلناها عن الوسائل.
(٤) الوسائل ، الباب ٨١ من أبواب النجاسات ح ١.
(٥) المبسوط ، ج ٦ ، ص ٢٨٣.