بحال للمضطر ، لانه يؤدى الى أكل لحوم الأنبياء.
وهذا ليس بصحيح ، لان المنع من ذلك يؤدى الى انّ الأنبياء يقتلون أنفسهم بترك لحم الآدمي عند الضرورة ، فكان من حفظ النبيّ في حال حياته اولى من الذي لم يحفظه بعد وفاته ، بدليل انّ من قتل نبيّا حيّا ليس كمن أتلف آدميّا ميتا.
فان لم يجد المضطر شيئا بحال ، قال قوم له ان يقطع من بدنه من المواضع اللحيمة ، كالفخذ ونحوها ، فيأكله ، خوفا على نفسه ، لانه لا يمتنع إتلاف البعض لاستبقاء الكل ، كما لو كان به آكلة أو خبيثة ، يقطعها.
والصّحيح عندنا انّه لا يفعل ذلك ، لأنه إنما يأكل خوفا على نفسه ، وفي القطع منه الخوف على نفسه ، فلا يزال الخوف بالخوف ، ويفارق الخبيثة ، لأنّ في قطعها قطع السراية ، وليس كذلك قطع موضع من بدنه ، لأن في قطعه إحداث سراية.
فاما ان وجد المضطر بولا وخمرا فإنه يشرب البول ، ولا يجوز له ان يشرب الخمر ، لان البول لا يسكر ، ولأحد في شربه ، فان لم يجد الّا الخمر ، فقد قلنا ما عندنا في ذلك (١) ، فلا وجه لإعادته.
باب الأشربة المحظورة والمباحة
كل ما أسكر كثيره فالقليل منه حرام ، لا يجوز استعماله بالشرب ، والتصرف فيه بالبيع والهبة ، وينجس ما يحصل فيه ، خمرا كان أو نبيذا ، أو بتعا ، ـ بكسر الباء المنقطة من تحتها بنقطة واحدة ، وتسكين التاء المنقطة من فوقها بنقطتين ، والعين غير المعجمة ، وهو شراب يتخذ من العسل ـ ، أو نقيعا ، وهو شراب يتخذ من الزبيب ، أو مزرا ، ـ بكسر الميم وتسكين الزاء المعجمة ، وبعدها الراء غير المعجمة وهو شراب يتخذ من الذرة ، ـ وغير ذلك من المسكرات.
وحكم الفقاع عند أصحابنا حكم الخمر على السّواء ، في انه حرام شربه ، وبيعه ، والتصرف فيه.
__________________
(١) في ص ١٢٦.