قدمناه ، وعندي انّ الأوّل محمول على ضرب من التغليظ والكراهة ، دون الحظر ، هذا آخر كلامه في مبسوطة (١).
قال محمد بن إدريس رحمهالله وهو الذي يقوى في نفسي ، واخترناه في كتابنا هذا (٢).
والذمي إذا باع خمرا أو خنزيرا ، ثم أسلم ، جاز له ان يقبض ذلك الثمن ، وكان حلالا له.
والخمر إذا صار خلا ، جاز استعماله ، سواء صار ذلك من قبل نفسه ، أو بعلاج ، إذا طرح فيها ما ينقلب الى الخل ، غير انه يستحب ان لا يغير بشيء يطرح فيه ، على ما روى (٣) ، بل يترك حتى يصير خلا من قبل نفسه.
وقد روى (٤) في بعض الاخبار ، انّه إذا وقع شيء من الخمر في الخل ، لم يجز استعماله الا بعد ان يصير ذلك الخمر خلا ، أورد الرواية شيخنا في نهايته (٥).
والذي يقضيه أصول مذهبنا ، ترك العمل بهذه الرواية الشاذة ولا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها ، لأنها مخالف للأدلّة مضادة للإجماع ، لأن الخل بعد وقوع قليل الخمر في الخل ، صار بالإجماع الخل نجسا ، ولا دلالة على طهارته بعد ذلك ، ولا إجماع ، لأنه ليس له حال ينقلب إليها ، ولا يتعدى طهارة ذلك الخمر المنفرد ، واستحالته ، وانقلابه ، الى الخل الواقع فيه قليل الخمر ، المختلط به ، الذي حصل الإجماع على نجاسته.
وهذه الرواية الشاذة ، موافقة لمذهب أبي حنيفة ، فإن صح ورودها ، فتحمل على التقيّة ، لأنها موافقة لمذهب من سمّيناه بذلك ، على ما نبهنا عليه قول السيد المرتضى في انتصاره.
فإنه قال مسألة عند الإمامية إذا انقلبت الخمر خلا بنفسها ، أو بفعل آدمي ،
__________________
(١) المبسوط ، ج ١ ، كتاب الطهارة ، باب حكم الأواني والأدعية .. ص ١٥.
(٢) في الجزء الأول ص ٩٢.
(٣) الوسائل الباب ٣١ ، من أبواب الأشربة المحرمة الحديث ٧.
(٤) مستدرك الوسائل الباب ٢٢ من أبواب الأشربة المحرمة الحديث ١.
(٥) النهاية : كتاب الأطعمة والأشربة باب الأشربة المحظورة والمباحة.