لا يقضى بهذا البيت من الشعر على القرآن والإجماع ، على أنه أراد الشّاعر بذلك الانتساب ، لأن أولاد البنت لا ينتسبون إلى أمهم ، وانما ينتسبون إلى أبيهم ، وكلامنا على غير الانتساب.
وأما قولهم ولد الهاشمي من العامية هاشمي ، وولد العامي من الهاشميّة عامي.
فالجواب عنه أن ذلك في الانتساب ، وليس كلامنا فيه ، بل كلامنا في الولادة ، وهي متحققة من جهة الأم ، بغير خلاف ، ويكون الذكر والأنثى فيه سواء ، إلا ان يشرط الواقف تفضيل بعضهم على بعض.
وإذا وقف على نسله ، أو عقبه ، أو ذرّيّته فهذا حكمه ، بدليل قوله تعالى : « وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ـ الى قوله ـ وَعِيسى وَإِلْياسَ » (١) فجعل عيسى من ذريته : وهو ينتسب اليه من الام.
وان وقف على عترته فهم الأخص به من قومه وعشيرته ، وقد نصّ على ذلك ثعلب ، وابن الأعرابي ، من أهل اللغة ، ولا يلتفت الى قول القتيبي في ذلك ، وما تعلق به من حديث أبي بكر في قوله : « نحن عترة رسول الله » (٢) لان هذا الحديث لم يصحّحه نقاد الآثار ، ونقلة الاخبار.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : « ومتى شرط الواقف أنه متى احتاج الى شيء منه كان له بيعه والتصرف فيه كان الشرط صحيحا ، وكان له أن يفعل ما شرط ، إلّا أنه إذا مات ، والحال ما ذكرناه ، رجع ميراثا ، ولم يمض الوقف » (٣).
قال محمّد بن إدريس « رحمهالله » : لو كان الوقف صحيحا لم يرجع ميراثا ، ولكان يمضى الوقف فيه بعد موته ، بل الشرط الذي أفسده ، لأنا قد بيّنا (٤) انه متى شرط العود في نفس الوقف كان الوقف باطلا ، فلأجل ذلك رجع ميراثه وشيخنا أبو جعفر ذهب الى ان دخول الشرط في نفس الوقف يبطله ، ذكر ذلك في
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ٨٤ ـ ٨٥.
(٢) سنن البيهقي ، كتاب الوقف ، باب الصدقة في العترة ( ج ٦ ، ص ١٦٦ ).
(٣) النهاية ، كتاب الوقوف والصدقات ، باب الوقوف وأحكامها.
(٤) في ص ١٥٦.