مبسوطة (١) وفي مسائل خلافه في كتاب البيوع (٢) لأن عقد الوقف لازم من الطرفين مثل عقد النكاح.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : « والوقف والصدقة شيء واحد ، لا يصح شيء منهما الّا ما يتقرّب به الى الله تعالى ، فان لم يقصد بذلك وجه الله لم يصح الوقف » (٣) إلّا أن الوقف يمتاز من الصدقة بأنه لا بدّ أن يكون مؤبّدا ، ولا يصح بيعه على ما قدّمناه ، والصّدقة يصح بيعها ساعة قبضها ، وليس من شرطها ان تكون مؤبدة ، والوقف لا يصح الا أن يكون مؤبّدا على ما قدمناه ، ولا يصح أن يكون موقّتا ، فان جعله كذلك لم يصحّ إلّا ان يجعله سكنى أو عمرى أو رقبى ، على ما نبيّنه عند المصير اليه ان شاء الله (٤).
قد قلنا : إنّه إذا وقف على ولده كان الذكر والأنثى فيه سواء ، إلّا ان يشرط تفضيل بعضهم على بعض ، فان قال : الوقف بينهم على كتاب الله كان بينهم ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ).
وإذا وقف على والديه كان أيضا مثل ذلك ، يكون بينهما بالسويّة ، الا أن يفضّل أحدهما على الآخر ، امّا بتعيين أو بقرينة تدل على ذلك.
وقال شيخنا في نهايته : « ولا بأس ان يقف المسلم على والديه ، أو ولده ، أو من بينه وبينه رحم ، وان كانوا كفارا ، ولا يجوز وقفه على كافر لا رحم بينه وبينه ، على حال ، وكذلك إن أوصى لهم بشيء كان ذلك جائزا « هذا آخر كلامه رحمهالله » (٥) قال محمّد بن إدريس « رحمهالله » : أما وقف المسلم على والديه الكافرين فصحيح ، لقوله تعالى « وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً » (٦) على ما قدّمناه (٧) وامّا ما عدا الوالدين من الأهل والقرابات وغيرهم فلا يجوز ولا يصح
__________________
(١) المبسوط ، ج ٢ ، كتاب البيوع ص ٨١ ، والعبارة هكذا : « وأمّا الوقف فلا يدخله الخياران معا لانه متى شرط فيه لم يصحّ الوقف وبطل ».
(٢) لم نتحققه في خلافه.
(٣) و (٥) النهاية ، كتاب الوقوف والصدقات ، باب الوقوف وأحكامها.
(٤) في ص ١٦٧.
(٦) سورة لقمان ، الآية ١٥.
(٧) في ص ١٥٦.