الوقف عليهم ، بحال ، لأنا قد بيّنا (١) أن من شرط صحّة الوقف القربة به الى الله تعالى ، ولا يصح التقرب الى الله تعالى بالوقف على الكافر ، لأن شيخنا قد حكينا (٢) عنه في نهايته أنه قال : « الوقف والصدقة شيء واحد ، لا يصح شيء منهما الا ما يتقرب به الى الله تعالى ، فان لم يقصد بذلك وجه الله لم يصح الوقف » ثم يقول بعده (٣) ما حكيناه عنه من صحة الوقف على الكافر : وانّما هذه اخبار آحاد يجدها فيوردها بألفاظها ، إيرادا لا اعتقادا ، كما أورد أمثالها ، وإن كان غير عامل بها ولا معتقد لصحّتها.
والأولى عندي انّ جميع ذوي أرحامه الكفار يجرون مجرى أبويه الكافرين في جواز الوقف عليهم ، لحثّه عليهالسلام بصلة الأرحام ، وبهذا افتى.
فامّا صحة الوصيّة لمن ذكر ، فإنه على ما ذهب إليه ، لأنا لا نراعي في الوصية القربة بها الى الله سبحانه ، فلهذا صحت الوصية لهم دون الوقف ، لما بيّناه ، فليلحظ ذلك ويتأمل.
وإذا وقف الكافر على كافر مثله ، أو على البيع ، والكنائس ، والمواضع التي يتقربون فيها الى الله تعالى ، كان وقفه صحيحا ، لأنه يرى ذلك تديّنا عنده.
وإذا وقف الكافر وقفا على الفقراء كان ذلك الوقف ماضيا في فقراء أهل نحلته ، دون غيرهم ، من سائر أصناف الفقراء ، لان شاهد حاله وفحوى خطابه يخصص إطلاق قوله وعمومه ، لأنه من المعلوم بشاهد الحال أنه ما أراد إلّا فقراء ملته ، دون غيرهم ، والحكم في قول جميع أهل الآراء ووقفهم ما حكيناه ، فليلحظ ذلك. وإذا وقف المسلم المحق شيئا على المسلمين كان ذلك للمحقين من المسلمين ، لما دللنا عليه من فحوى الخطاب وشاهد الحال.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : « وإذا وقف المسلم شيئا على المسلمين ، كان ذلك لجميع من أقرّ بالشهادتين ، وأركان الشريعة ، من الصّلاة ، والزكاة ، والصّوم ،
__________________
(١) في ص ١٥٥.
(٢) في ص ١٥٩.
(٣) ج. ثم نقول بعد ما.