على ولده ، هذا أخر المسألة (١).
قال محمّد بن إدريس ، انظر أرشدك الله الى ما قاله شيخنا في المسألة ، فإنه ما تعرض للإجماع ، ولا للأخبار ، لان الطريقتين مفقودتان هاهنا ، انما دل ما يقضى عليه وهو محجوج به ، وهو قوله « دليلنا ان عوده الى البر بعد انقراض الموقوف عليهم ، يحتاج الى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه » وكذا نقول نحن له رحمهالله ، ان عوده الى الواقف ، أو الى ورثته بعد انقراض الموقوف عليهم ، يحتاج الى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه ، والأصل بقاؤه وقفا ، فمن أخرجه من كونه وقفا ، يحتاج الى دليل ، ولن يجده ، ونكيل له بصاعه حرفا فحرفا ، والله الموفّق للصّواب.
وإذا وقف المسلم شيئا على مصلحة ، فبطل رسمها ، يجعل في وجه البر بلا خلاف ، ولا يجوز عوده على الواقف ، ولا على ورثته ، وهذا أيضا دليل على صحة المسألة المتقدّمة ، وفساد قول المخالف فيها.
وإذا وقف في وجوه البرّ ، ولم يسمّ شيئا بعينه ، كان للفقراء ، والمساكين ، ومصالح المسلمين ، من بناء المساجد ، والقناطر ، وتكفين الموتى ، والحاج ، والزوّار ، وغير ذلك.
وقال شيخنا في نهايته ، وإذا وقف إنسان مسكنا ، جاز له ان يقعد فيه مع من وقفه عليه ، وليس له ان يسكن فيه غيره (٢).
وهذا على إطلاقه لا يصحّ ، وقد قلنا ما عندنا في ذلك (٣) ، وهو انه ان كان الوقف عاما على جميع المسلمين ، جاز ذلك على ما حكيناه عن بعض أصحابنا ، وان كان خاصا على قوم بأعيانهم ، لا يجوز للواقف ان يسكن فيه مع من وقفه عليه ، لانه بالوقف خرج من ملك الواقف ، وصار ملكا للموقوف عليه.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، مسألة يجوز الوقف على أهل الذمّة إذا كانوا أقاربه ، وقال الشافعي يجوز ذلك مطلقا ، ولم يخصّ ، دليلنا إجماع الفرقة ، وأيضا فإن ما قلنا مجمع على جوازه ، وما ذكروه ليس عليه دليل ، هذا أخر كلامه
__________________
(١) الخلاف كتاب الوقوف والصدقات مسألة ٩.
(٢) النهاية كتاب الوقوف والصدقات باب الوقوف وأحكامها آخر الباب.
(٣) في ص ١٥٥.