قبض ، كسائر الهبات ، وهي مشتقة من العمر ، وصورتها ان يقول الرجل للرجل : أعمرتك هذه الدّار ، وجعلتها لك عمرك ، أو هي لك ما حييت ، أو ما بقيت ، أو ما عشت ، وما أشبه ذلك مما في معناه.
وهي عقد جائز ، فإذا ثبت جوازها ، فلا تخلو من أربعة أحوال ، اما ان يقول : هذه الدّار لك عمرك ، ولعقبك من بعدك عمرهم ، أو يطلق ذلك ، فيقول : هذه الدار لك عمرك ، فإذا مت رجعت اليّ ، أو يقول : هذه الدار لك عمري ، أو يقول : هذه الدّار لك مدّة عمري.
فإذا قال « عمرك ولعقبك » فإنها جائزة عندنا ، فإذا انقرض العقب ، عادت الى المعمر ، ان كان حيّا ، أو الى ورثته ان كان ميتا.
فان قال « لك عمرك » فإذا مات ، رجعت الى المعمر أيضا.
فإن قال « هذه لك مدة عمري » فليس له ان يخرجه منها ما دام حيّا ، فإذا مات كان للوارث إخراجه منها ، فان مات المعمر ، دون من أعمره ، وخلّف ورثة ، كان لهم سكناها ، الى ان يموت من أعمر أباهم.
فامّا ان قال « هذه الدّار عمرى لك » ولم يقل مدّة عمري ، ولا مدّة عمرك ، فان هذا مجهول ، لا يلزم به شيء بحال.
والرقبى أيضا جائزة عندنا ، وصورتها صورة العمرى ، الا ان اللفظ يختلف ، وان كان المعنى يتفق ، لانه يقول في العمرى أعمرتك هذه الدار مدّة حياتي أو مدّة حياتك ، أو مدّة عمري أو مدّة عمرك ، والرقبى تحتاج ان يقول « أرقبتك هذه الدار مدّة حياتك أو مدّة حياتي » وفي أصحابنا من قال الرّقبى ان يقول « جعلت خدمة هذا العبد لك مدّة حياتك ، أو مدة حياتي » وهو مأخوذ من رقبة العبد ، والأوّل مأخوذ من رقبة الملك ، وهو الأظهر ، الا ان الاشتقاق المحقق انها مصدر من رقب كل واحد منهما موت صاحبه ، يرقبه رقبى.
وتحتاج أيضا الى الإيجاب والقبول ، والقبض من صحة لزومها.
وقد قلنا انه لا فرق بين العمرى والرّقبى في الحكم والمعنى ، سواء علقه بموت المرقب أو المرقب ، فإن علقة بموت المرقب ، فان مات المرقب رجع الى ورثته ، وان