مات المرقب أوّلا كان لورثته الى ان يموت المرقب ، فإن علقة بموت المرقب ، ومات المرقب ، لم يكن لورثته عليه سبيل حتى يموت ، فإذا مات رجع إليهم ، وان مات المرقب أوّلا ، لم يكن لورثته شيء ، ورجع الى المرقب مثل ما ذكرناه في العمرى حرفا فحرفا.
فأمّا السكنى ، فلا بأس ان يجعل الإنسان داره ، أو منزله ، أو ضيعته ، أو عقاره ، سكنى لإنسان ، حسب ما أراد ، فإن جعله له مدّة من الزمان ، كان ذلك ماضيا ، ولم يجز له نقله عنه ، الا بعد مضى تلك المدّة ، وكذلك لا يجوز له بيعه ، الا بعد انقضاء المدّة ، أو يشترط على المشتري مقدار ذلك الزمان ، ومتى مات والحال ما وصفناه ، لم يكن لورثته نقل الساكن عنه ، الّا بعد ان تمضى المدّة المذكورة ، ومتى أسكنه إياه مدة عمره فهي العمرى ، وقد ذكرناها مستوفاة.
ومتى أسكنه ولم يذكر مدة ، كان له إخراجه أيّ وقت شاء.
وإذا اسكن إنسان غيره ، لم يجز للساكن ان يسكن معه غيره ، الّا ولده واهله ، يعني امرأته ، ولا يجوز له سواهم ، ولا يجوز للساكن أيضا ان يؤاجره ، ولا ان ينتقل عنه ، فيسكن غيره الا بإذن صاحب المسكن ، على ما ذكره شيخنا أبو جعفر في نهايته (١).
والذي يقتضيه أصول المذهب ، ان له جميع ذلك ، وخلافه وإجارته وانتقاله عنه ، وإسكان غيره معه ، سوى ولده وامرأته ، سواء اذن له في ذلك أو لم يأذن ، إذا كان أول ما أسكنه قد أطلق السكنى ، لأن منفعة هذه الدّار استحقها ، وصارت مالا من أمواله ، وحقا من حقوقه ، فله استيفاؤها كيف شاء ، بنفسه وبغيره ، وما أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته ، فلا شك انه خبر واحد ، وقليلا ما يورده أصحابنا في كتبهم ، فشيخنا المفيد رحمهالله لم يورده في مقنعته ، ولا السيّد المرتضى ، ولا المحصّلون من أصحابنا.
وللإنسان أن يحبس فرسه في سبيل الله ، وغلامه أو جاريته في خدمة البيت
__________________
(١) النهاية كتاب الوقوف والصدقات باب السكنى والعمرى والرقبى والحبيس.