أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته (١) ، وهي من أضعف أخبار الآحاد ، لأنها مخالفة لأصول المذهب ، لان التدبير عند أصحابنا بأجمعهم لا يكون الا بعد موت المولى الذي هو المعتق المباشر للعتق ، ويكون بمنزلة الوصيّة ، يخرج من الثلث ، هذا لا خلاف بينهم فيه ، فمن ادعى حكما شرعيا أخر ، غير هذا ، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، ولا يرجع الى اخبار الآحاد في مثل ذلك ، لا يوجب علما ولا عملا ، على ما بيناه.
ثم انه لم يذهب إليه أحد من أصحابنا إلا الشاذ التابع لمسطور شيخنا في نهايته ، فإنه رحمهالله لم يذكر ذلك في مسائل خلافه ، ولا في مبسوطة ، ولا في معظم كتبه المصنفة ، سوى الكتب الاخبارية ، لانه من طريق اخبار الآحاد ، فيذكرها في جملة الاخبار ، وأوردها إيرادا لا اعتقادا ، على ما اعتذر به لنفسه.
باب الهبات والنحل
الهبة والنحلة جائزتان ، بالكتاب والسنّة وإجماع الأمّة.
فالكتاب قوله تعالى « وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ » (٢) والهبة من البرّ ، وكذلك النحلة.
والسنّة ما رواه محمّد بن المنكدر ، عن جابر ان النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : كل معروف مرغب فيه (٣).
وروى أبو هريرة انّ النبيّ عليهالسلام قال : لو اهدي اليّ ذراع لقبلت ، ولو دعيت الى كراع لأجبت (٤).
__________________
(١) النهاية كتاب الوقوف والصدقات باب السكنى والعمرى والرقبى والحبيس آخر الباب.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٢.
(٣) لم نجد الحديث بعينه في المجاميع الروائية لكن الموجود « كل معروف صدقة » صحيح البخاري ج ٨ كتاب الأدب باب ٣٣ ص ١٣ نعم نفس الحديث موجود في المبسوط ج ٣ كتاب الديات ص ٣٣.
(٤) سنن البيهقي ، الباب ١ من كتاب الهبات ، الحديث ٢ ، ج ٦ ، ص ١٦٩. صحيح البخاري ، كتاب الهبة ، باب القليل من الهبة ، الرقم ٢٣٩٨ ، ج ١١ ، ص ١١١. وفيه : « لو دعيت الى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو اهدى الىّ ذراع أو كراع لقبلت ».