وروت عائشة ، أن الرسول عليهالسلام كان يقبل الهدية ، ولا يقبل الصّدقة (١).
أما صدقة الواجب فكانت حراما عليه وعلى بنى هاشم ، واما صدقة الندب فهي حلال عندنا عليه وعلى بنى هاشم ، وانما كان يتنزه عنها على جهة الاستحباب دون الفرض والإيجاب.
وروي ان جعفر بن محمّد عليهالسلام كان يشرب من السقايات التي بين مكة والمدينة ، فقيل له في ذلك ، فقال انّما حرمت علينا صدقة الفرض (٢).
وامّا الإجماع ، فقد أجمعت الأمة على جواز الهبة واستحبابها.
إذا تقرّر هذا فالهبة والصّدقة والهدية بمعنى واحد ، غير انّه إذا قصد الثواب والتقرب بالهبة الى الله تعالى ، سميّت صدقة ، فإذا أقبضها لا يجوز له الرجوع فيها بعد الإقباض على كل من تصدّق عليه بها ، وإذا قصد بها التودد والمواصلة ، لا التقرب الى الله تعالى سميت هدية وهبة.
وهي على ضربين ، هبة يجوز للواهب الرجوع فيها بعد قبض الموهوب لها ، وهبة لا يجوز للواهب الرجوع فيها بعد قبض الموهوب لها.
فالموهوب على ضربين ، ذي رحم ، وأجنبي ، وذو الرحم على ضربين ، ولد وغير ولد ، والولد على ضربين ، كبير وصغير.
فإذا كان كبيرا بالغا ، فلا يجوز للواهب الرجوع فيها بعد قبضها على حال ، سواء أضاف الولد الى القبض شيئا أخر ، أو لم يضف ، وكذلك الولد الصّغير ، لان قبض الوالد قبض عنه ، فلا يحتاج الى قبض ، والولد الكبير يحتاج الى قبض في هبته
__________________
(١) صحيح البخاري ، كتاب الهبة ، باب المكافاة في الهبة ، ج ١١ ، ص ١٢٢ ، الرقم ٢٤١٤. وسنن الترمذي ، الباب ٣٤ من كتاب البرّ والصلة ، ج ٣ ص ٢٧٧ ، الرقم ٢٠١٩. وسنن أبي داود ، كتاب البيوع ، باب في قبول الهدايا ، ج ٣ ، ص ٢٦٠. وفيها جميعا : « عن عائشة انّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يقبل الهدية ويثيب عليها ».
(٢) سنن البيهقي ، كتاب الهبات ، باب إباحة صدقة التطوع لمن لا تحل له صدقة الفرض ( ج ٦ ، ص ١٨٣ ).