قال محمّد بن إدريس رحمهالله ، لا بأس ان يعود إليه بأمر شرعي ، امّا بالبيع أو الهبة أو الشراء ، أو غير ذلك وانما هذا خبر واحد أورده إيرادا لا دليل عليه من كتاب ، ولا سنة ولا إجماع ، لأن المتصدق عليه ، قد ملك الصدقة ، وله بيعها على من شاء من الناس ، سواء باعها على المتصدّق بها ، أو على غيره بغير خلاف.
وشيخنا قد رجع عمّا قاله في مسائل خلافه ، في الجزء الأوّل من كتاب الزكاة ، قال مسألة يكره للإنسان أن يشتري ما أخرجه في الصدقة ، وليس بمحظور ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال مالك البيع مفسوخ ، دليلنا قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » (١) وهذا بيع ، فمن ادعى فسخه فعليه الدلالة ، هذا أخر كلامه رحمهالله في مسألته (٢).
فانظر الى قوله هاهنا ، والى قوله في نهايته ، يشعرك ان تلك اخبار آحاد يوردها إيرادا على ما يجدها بألفاظها ، من غير اعتقاد لصحّتها.
وروي انه إذا أخرج الإنسان شيئا لوجه الله تعالى يتصدق به ، ففاته من يريد إعطائه ، فليتصدق به على غيره ، ولا يرده في ماله (٣).
وذلك على طريق الاستحباب ، دون الفرض والإيجاب.
ولا بأس ان يفضّل الإنسان بعض ولده على بعض بالهبة والنحلة ، الا انّه يكره ذلك في حال المرض ، إذا كان الواهب معسرا ، فإذا كان موسرا لم يكره ذلك.
إذا وهب الوالد لولده وان علا الوالد ، أو الأم لولدها وان علت ، وقبضوا ان كانوا كبارا ، أو كانوا صغارا ، لم يكن لهما الرجوع فيه ، هكذا ذكره شيخنا في مسائل خلافه (٤).
والذي يقتضيه مذهبنا ، ان هبة الوالد تكون كما قال ، وذكر رحمهالله ، وان علا
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٧٥.
(٢) الخلاف ، كتاب الزكاة ، مسألة ١٣٦.
(٣) الوسائل ، الباب ٢٤ ، من أبواب الصدقة ، الحديث ٣.
(٤) الخلاف ، كتاب الهبة ، مسألة ١١ ـ ١٢ ـ ١٣.