الوالد ، فامّا هبة الامّ للولد الكبير البالغ ، فإذا قبض ، فليس لها رجوع ، واما هبتها لولدها الصّغير ، فلا بد من تقبيض وليه ، فإذا قبض الولي الهبة ، امّا أبوه ، أو وصيّة ، فليس لها رجوع ، فإذا لم يقبض فلها الرجوع ، بخلاف الأب ، لأنّ قبض الأب قبضه ، وليس كذلك الام ، فليلحظ ذلك.
وقال شيخنا في مسائل الخلاف مسألة : إذا وهب لأجنبي وقبضه ، أو لذي رحم ، غير الولد ، كان له الرجوع فيه ، ويكره الرجوع في الهبة لذي الرّحم (١).
وهذا الذي اخترناه ونصرناه ، ومذهبه في نهايته بخلاف هذا ، فإنه يجعل ذا الرحم بمنزلة الولد البالغ ، وهو خيرة شيخنا المفيد أيضا في مقنعته (٢) ، وهو قوي يمكن اعتماده ، لقوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » فامّا الأجنبي فأخرجناه من عموم الآية بالإجماع.
الهبة عندنا لا تقتضي الثواب الذي هو العوض عنها ، الا ان يشرطه الواهب على الموهوب له.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، مسألة ، الهبات على ثلاثة أضرب ، هبة لمن فوقه ، وهبة لمن دونه ، وهبة لمن هو مثله ، فكلها تقتضي الثواب (٣).
ولم يدل على ذلك بشيء يعتمد ، وامّا دليلنا نحن على انّها لا تقتضي الثواب الذي هو العوض عنها الا بالشرط ، فالأصل براءة الذمة ، فمن شغلها بشيء يحتاج الى دليل ، وإجماع أصحابنا عليه ، فان أحدا منهم لم يذكر ذلك في مسطور.
إذا شرط الثواب ، فان كان مجهولا صح ، لانه وافق ما يقتضيه الإطلاق ، وان كان معلوما كان أيضا صحيحا ، لانه لا مانع منه.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، مسألة ، إذا وهب ثوبا خاما لمن له الرجوع في هبته ، فقصره الموهوب له ، لم يكن للواهب الرجوع فيه ، ثم استدل ، فقال دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم ، على انه إذا تصرّف الموهوب له في الهبة ، لم يكن للواهب الرجوع فيها ، وهذا قد تصرّف ، ولأن إثبات الرجوع في هذا الموضع يحتاج
__________________
(١) و (٣) الخلاف ، كتاب الهبة ، مسألة ١١ ـ ١٢ ـ ١٣.
(٢) المقنعة ، باب النحلة والهبة والهبة ص ٦٥٨.