في الهبة ، له الرجوع في الصدقة عليه (١) ، هذا آخر كلامه.
قال محمّد بن إدريس رحمهالله ، هذا غير واضح ولا مستقيم ، لأن صدقة التطوع بعد إقباضها المصدق بها عليه ، لا يجوز ، ولا يحلّ العود والرجوع بها على من كانت من الناس بغير خلاف بيننا ، وليس كذلك الهبة على ما حررناه.
إذا اهدى لرجل شيئا على يد رسوله ، فإنه على ملكه بعد ، وان مات المهدى اليه كان له استرجاعه ، وان مات المهدي ، كان لوارثه الخيار ، وإذا وصلت الهدية الى المهدى اليه ، لم يملكها بالوصول ، ولم تلزم ، ويكون ذلك إباحة من المهدي.
فمن أراد الهدية ولزومها وانتقال الملك فيها الى المهدى اليه الغائب ، فليوكل رسوله في عقد الهدية معه ، فإذا مضى وأوجب له ، وقبل المهدى اليه واقبضه إياها ، لزمه العقد ، وملك المهدى اليه الهدية.
ومن وكيد السنة ، وكريم الأخلاق الإهداء ، وقبول الهدية إذا دعي إليها داعي المودّة الدنيويّة والتكرم ، فيحسن قبولها إذا عريت من وجوه القبح ، ويقبح القبول مع ثبوته ، وتخرج بالقبول والإقباض عن ملك المهدي ، وله الرّجوع فيها ما لم يتصرّف فيها من أهديت اليه أو يعوّض عنها ، أو تهلك عينها ، وإمضاؤها أفضل ، ولا يجب المكافاة عليها ، وفعلها أفضل.
وقد جاء في الترغيب لقبولها اخبار ورخص ، وجاء في كراهيّة قبولها وذمّها ، أشياء.
فمن جملة ما في الترغيب فيها ، ما روي عنه عليهالسلام انه قال تهادوا تحابوا (٢).
وروى ان أم حكيم بنت وادع الخزاعية قالت يا رسول الله أتكره رد الهدية؟ فقال ما أقبح رد الهدية ، ولو اهدي الىّ كراع لقبلته ، ولو دعيت الى ذراع لأجبت (٣).
وروى انّ بعض نسائه عليهالسلام سألته ، فقالت يا رسول الله ، انّ لي جاريتين
__________________
(١) المبسوط ، ج ٣ ، كتاب الهبات ص ٣١٤.
(٢) الوسائل ، الباب ٨٨ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٥ ـ ١٠ ـ ١٨. سنن البيهقي ، الباب ١ من كتاب الهبات ، الحديث ٦ ، رواه أبو هريرة.
(٣) سنن البيهقي : ج ٦ ، ص ١٦٩ الباب ١ من كتاب الهبات ح ٦ ، ولكن بطريق آخر.