وتصحّ الوصيّة عندنا للوارث في المرض المتصل بالموت ، بدليل إجماع أصحابنا ، وأيضا قوله تعالى « كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ » (١) وهذا نصّ في موضع الخلاف ، ولا يمكن ان يدعى نسخ هذه الآية بآية المواريث ، لانه لا تنافي بينهما ، وإذا أمكن العمل بمقتضاهما ، لم يصحّ دعوى النسخ ، وقولهم « تخصّ الآية بالوالدين والأقربين إذا كانوا كفارا » يفتقر الى دليل ، ولا دليل لهم على ذلك.
وما يروونه من قوله عليهالسلام « لا وصيّة لوارث » قد نصّ أصحاب الحديث على تضعيف رواته ثمّ هو مخالف لظاهر القرآن المعلوم ، ولا يجوز ترك المعلوم للمظنون ، ولو سلم من ذلك كله ، لكان خبر واحد ، وقد بيّنا انّه لا يجوز العمل بذلك عند أصحابنا في الشرعيّات.
والوصيّة تصح للكافر سواء كان ذا رحم ، أو غير ذلك ، لأنها عطية بعد الموت ، وليس من شرطها نية القربة ، ولا من مصححاتها.
وذهب بعض أصحابنا الى أن الوصية للكافر لا تصحّ الّا ان يكون ذا رحم للموصي.
ويجوز الوصيّة للحمل ، فان ولد ميتا فهي لورثة الموصي ، دون ورثة الموصي له.
وإذا اوصى بثلث ماله في أبواب من البر ، ولم يذكر تفصيلا ، كان لكل باب منها مثل الآخر ، وكذلك إذ أوصى لجماعة ولم يرتبهم ، ولا سمى لكلّ واحد منهم شيئا معيّنا ، وان رتبهم ، وسمى ما لكل واحد منهم ، بدئ بالأوّل ، ثمّ الثّاني إلى تكميل الثلث ، ولا شيء لمن بقي منهم.
ومن اوصى بوصايا من ثلثه ، وعين منها الحجّ ، وكانت عليه حجّة الإسلام ، وجب تقديم الحجّ على الوصايا الأخر ، وان لم يبق لها شيء من الثلث ، لأن الحجّ واجب ، وليس بمتبرّع به.
ويستأجر للنيابة عنه من بلده ، فان لم يف الثلث بذلك ، تمم من أصل المال ،
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٨٠.