والوصيّ إذا تغيّرت حاله ، نظرت ، فان كان تغيّر بالكبر والمرض ، فان الحاكم يضيف إليه إليه أمينا آخر ، ولا يخرج من يده ، لان الكبر والمرض لا ينافيان الامانة ، وان كان تغير حاله بفسق ، أخرجت الوصيّة من يده ، لان الفاسق لا يكون أمينا على ما أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطة (١) ، وهذا الكتاب معظمه فروع المخالفين ، وكلام الشافعي ، وتخريجاته ، ولم يورد أصحابنا في ذلك شيئا لا رواية ولا تصنيفا ، والأصل صحّة الوصية اليه ، والاعتماد عليه ، مع قوله تعالى « فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ » (٢) وعزله عن الوصيّة وإخراجه منها ، تبديل وتغيير بلا خلاف.
والمرأة يصحّ أن تكون وصيّة على ما قدمناه (٣) ، وكذلك الأعمى.
ولا بأس ان يوصي على اثنين ، أحدهما صغير والأخر كبير بعد ان يكون الكبير ممّن جمع الأوصاف الخمسة ، ويجعل للكامل النظر في الحال ، وللصبي إذا بلغ ، فان مات الصبيّ أو بلغ ، وكان فاسد الرأي ، كان للعاقل إنفاذ الوصيّة ، فإذا أنفذ البالغ الكامل الوصيّة ، كان ذلك جائزا ، فإذا بلغ الصبي ولم يرض بذلك ، لم يكن له الفسخ لما أنفذه البالغ الكامل ، الا ان يكون الكبير خالف شرط الوصيّة.
فإن اوصى الى كاملين فلا يخلو من ثلاثة أحوال ، امّا ان يطلق الوصيّة إليهما ، أو يقيّدها بان لا يمضي أحدهما شيئا إلّا باتفاق الآخر ، أو يقيّدها بان كلّ واحد يمضي على الاجتماع والانفراد.
فالقسمان الأولان ، لا يجوز لأحدهما التصرف الّا باتّفاق الآخر ، لانه ما رضي بامانة أحدهما دون الآخر.
فاما القسم الثالث ، فإنه يجوز ان يتصرّف كلّ واحد منهما على الاجتماع وعلى الانفراد.
فإن أطلق الوصيّة أو قيّدها بالاجتماع ، لم يكن لكلّ واحد منهما الاستبداد
__________________
(١) المبسوط ، ج ٤ ، كتاب الوصايا ، فصل في ذكر الأوصياء ، ص ٥٢.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٨١.
(٣) في ص ١٨٤.