باب الإقرار في المرض والهبة فيه وغير ذلك
إقرار المريض على نفسه جائز للأجنبي وللوارث وعلى كل حال ، إذا كان عقله ثابتا في حال الإقرار ، ويكون ما أقربه من أصل المال ، سواء كان عدلا أو فاسقا متهما على الورثة ، أو غير متهم ، وعلى كل حال ، سواء كانت مع المقر له بيّنة ، أو لم تكن ، لإجماع أصحابنا المنعقدان إقرار العقلاء جائز فيما يوجب حكما في شريعة الإسلام.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : إقرار المريض على نفسه جائز للأجنبي وللوارث على كل حال ، إذا كان مرضيا موثوقا بعدالته ، ويكون عقله ثابتا في حال الإقرار ، ويكون ما أقربه من أصل المال ، فان كان غير موثوق به ، وكان متهّما ، طولب المقرّ له بالبيّنة ، فإن كانت معه بيّنة ، اعطي من أصل المال ، وان لم تكن معه بيّنة ، اعطي من الثلث إن بلغ ذلك ، فان لم يبلغ فليس له أكثر منه ، هذا أخر كلامه رحمهالله (١).
وقد قلنا ما عندنا في ذلك ، الّا ان شيخنا رجع عن ذلك في مبسوطة (٢) ، ومسائل خلافه ، في كتاب الإقرار : قال مسألة : إذا أقر بدين في حال صحّته ثم مرض ، فأقر بدين آخر في حال مرضه ، نظر فان اتسع المال لهما ، استوفيا معا ، وان عجز المال ، قسّم الموجود منه على قدر الدينين ، ثم قال أيضا مسألة. يصح الإقرار للوارث في حال المرض ، ثم استدل ، فقال ، دليلنا انه لا مانع يمنع منه ، والأصل جوازه ، وأيضا قوله تعالى « كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ » (٣) والشهادة على النفس هو الإقرار ، وذلك عام في جميع الأحوال لكل أحد ، والتخصيص يحتاج إلى دلالة ، وأيضا قوله تعالى « قالُوا أَقْرَرْنا ، قالَ فَاشْهَدُوا » (٤) وهذه أيضا عامة وعلى المسألة إجماع الفرقة ، هذا أخر كلامه
__________________
(١) النهاية ، كتاب الوصايا ، باب الإقرار في المرض ..
(٢) المبسوط ، كتاب الإقرار ، ج ٣ ، ص ١٣.
(٣) سورة النساء ، الآية ١٣٥.
(٤) سورة آل عمران ، الآية ٨١.