واستدلاله (١).
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، ومتى أقر الإنسان بشيء ، وقال لوصيّه سلّمه إليه ، فإنه له ، وطالب الورثة الوصي بذلك ، فان كان المقر مرضيّا عند الوصي ، جاز له ان ينكر ، ويحلف عليه ، ويسلّم الشيء الى من أقر له به ، وان لم يكن مرضيّا لم يجز ذلك له ، وعليه ان يظهره ، وعلى المقر له البيّنة بأنه له ، فان لم يكن معه بينة ، كان ميراثا للورثة ، هذا آخر كلامه (٢).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله ، هذا غير مستقيم ، وأصول مذهبنا بخلافه ، وقد دللنا على صحّة ذلك فيما مضى (٣) ، والواجب على الوصي ان يسلمه الى من أقر له به ، سواء كان المقر مرضيّا أو غير مرضي ، لأن إقرار العاقل الحرّ جائز على نفسه.
وشيخنا أبو جعفر قد رجع عن مثل هذا في مسائل خلافه على ما حكيناه عنه واستدل على صحة ما أوردناه عنه ، فلا معنى لا عادته ، وهذه اخبار آحاد أوردها في كتابه النهاية ، على ما وجدها.
وقال شيخنا في نهايته : وإذا كان عليه دين ، فاقرّان جميع ما في ملكه لبعض ورثته ، لم يقبل إقراره إلا ببيّنة ، فان لم يكن مع المقرّ له بينة ، اعطى صاحب الدين حقه ، أولا ، ثم ما يبقي يكون ميراثا (٤).
ما ذكره رحمهالله صحيح ، إذا اضافه الى نفسه ، ولم يقل بأمر حقّ واجب ، فامّا ان أطلق إقراره ولم يقل « جميع ما في ملكي » أو « هذه داري » لفلان ، بل قال هذه الدّار لفلان ، أو جميع هذا الشيء لفلان ، كان ذلك صحيحا سواء كان المقر له وارثا أو غير وارث ، في صحة كان إقراره أو مرض ، وعلى جميع الأحوال ، إذا كان عاقلا ثابت الرأي ، وقد دللنا على صحة ذلك ، وانّما لم تصح المسألة الأولى التي ذكرها شيخنا وحكيناها عنه ، لأنه اضافه الى نفسه ، بان قال « جميع ما في ملكي »
__________________
(١) الخلاف ، كتاب الإقرار ، مسألة ١٢ ـ ١٣.
(٢) النهاية ، كتاب الوصايا ، باب الإقرار في المرض.
(٣) في ص ٢١٧.
(٤) النهاية ، كتاب الوصايا ، باب الإقرار في المرض ..