وإذا قتل إنسان وعليه دين ، وجب على أوليائه ان يقضوا دينه من ديته إذا كان القتل يوجب المال ، وقد روي (١) انّه سواء كان قد قتل خطا أو عمدا ، فان كان قد قتل عمدا على هذه الرّواية ، وأرادوا أولياؤه القود ، أو العفو ، لم يكن لهم ذلك ، الا بعد ان يرضوا أصحاب الديون أولا ، ثم ان شاءوا بعد ذلك قتلوا وان شاءوا عفوا عنه ، وإن شاءوا قبلوا الدّية ، هذه الاحكام عند من عمل بهذه الرواية من أصحابنا.
ومن لم يعمل بها قال انا احملها على قتل الخطأ الذي يوجب المال ، دون القتل الذي يوجب القود ، لانه على مذهبنا موجبه شيء واحد وهو القود ، دون المال ، ولأن الرواية إذا لم تخص بالقتل الذي يوجب المال ، ضادّت القرآن ، وهو قوله ، تعالى ، « وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ » (٢) فالعامل بها لم يجعل له سلطانا جملة ، وأيضا تقف الاحكام ، لان للولي أن يقول ما أؤدي إليك يا صاحب الدين مالك ، ويقول له صاحب الدين لا أمكنك من القود ، والقاتل إذا طولب بالدية ليقضي الدين عن الميت ، ان يمتنع من الأداء ، لأنه لا يجب عليه الا القود عندنا ، دون المال بلا خلاف بيننا ، فتعطل حينئذ الاحكام ، وقد شرحنا ذلك فيما مضى في كتاب الديون ، وبسطناه وحررناه (٣).
وإذا قال الموصي لوصيّه اقض عنّي ديني ، وجب عليه ان يبدأ به قبل الميراث ، فان تمكن من قضائه ولم يقضه وهلك المال ، كان ضامنا له ، وليس على الورثة لصاحب الدين سبيل ، ان كان قد صار إليهم من التركة حقهم ، وان كان قد عزله الوصي من أصل المال ، وقسم الباقي بينهم ، ولم يتمكن من إعطائه أصحاب الديون ، وهلك من غير تفريط من جهته ، كان لصاحب الدين مطالبة الورثة بالدين ، من الذي صار إليهم وأخذوه واقتسموه.
ومن أقرّ أن عليه زكاة سنين كثيرة ، وأمر بإخراجها عنه ، وجب ان تخرج من
__________________
(١) الوسائل الباب ٥٩ من كتاب القصاص ، ح ١ ـ ٢.
(٢) سورة الإسراء الآية ٣٣.
(٣) الجزء الثاني ، ص ٤٨.