ورجعنا فيه الى الإجماع.
فإن قالوا أجمعت الإماميّة على ذلك.
قلنا ما الدليل على ذلك ، فانا ما نعرف هذا الإجماع ، وفي المسألة خلاف بينهم ، وان كان أكثرهم يقول بخلاف الصواب في هذه المسألة تقليدا وتعويلا على روايات رووها ، ان كل من تقرب بغيره ، أخذ سهام من تقرب به (١) ، وهذا الخبر انما هو في أولاد الاخوة والأخوات ، والأعمام والعمات ، والأخوال والخالات ، وبنى الأعمام والأخوال ، لأن هؤلاء لا تسمية لهم في الميراث ، وانما يتقربون بغيرهم ، فأعطوا سهام من يتقربون به ، وليس كذلك أولاد الأولاد ، لأن هؤلاء وان سفلوا داخلون في اسم الولد ، واسم البنات والبنين على الحقيقة ، ممن هو مسمّى في الكتاب ، ومنصوص على توريثه ، لا يحتاج في توريثه الى ذكر قرابته ، وان نعطيه نصيب من يتقرب به ، كما لا يحتاج في توريث أولاد الصّلب بلا واسطة إلى شيء من ذلك.
فان قيل فما دليلكم على صحة ما ذهبتم اليه من توريث أولاد الأولاد ، والقسمة عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
قلنا دليلنا على ذلك قوله تعالى ـ ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) ـ ، ولا خلاف بين أصحابنا في ان ولد البنين ، وولد البنات ، وان سفلوا يقع عليهم هذه التسمية ، ويتناولهم على سبيل الحقيقة ، ولهذا حجبوا الأبوين عن ميراثهما الى السدسين بولد الولد ، وان هبطوا وحجبوا الزوج عن النصف الى الرّبع ، والزوجة عن الرّبع الى الثمن بولد الولد ، فمن سماه الله تعالى ولدا في حجب الأبوين ، وحجب الزوجين ، يجب ان يكون هو الذي سماه ولدا في قوله تعالى ـ ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) ـ ، وكيف يخالف بين حكم الأولاد ، ويعطى بعضهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، والبعض الأخر نصيب آبائهم الذي يختلف ويزيد وينقص ، ويقتضي تارة تفضيل الأنثى على الذكر ، والقليل على الكثير ، وتارة المواساة بين
__________________
(١) الوسائل ، الباب ١ و ٢ من أبواب موجبات الإرث.