قال محمّد بن إدريس رحمهالله وهذا الخبر مجمع عليه ، متلقى بالقبول عند المخالف والمؤالف ، ومن المعلوم ان في النسب يرث جميع ذوي الأنساب على حد واحد ، الّا ما خرج بالإجماع من كلالة الأم ومن يتقرب بها على ما قدمناه.
فصل
في تفصيل احكام الورّاث مع الانفراد والاجتماع
قد بينا ان أول المستحقين الأبوان ، والولد ، فالأبوان إذا انفردا من الولد كان المال كله لهما ، للأم الثلث ، والباقي للأب ، والمال كله لأحدهما إذا انفرد ، فان كان معهما زوج أو زوجة ، فللأم الثلث من أصل التركة بالتسمية ، والباقي بعد سهم الزوج أو الزوجة للأب بآية اولي الأرحام.
يدل على ذلك بعد إجماعنا قوله تعالى « فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ » (١) وهذا نصّ في موضع الخلاف ، لانه لا يفهم من إيجاب الثلث لها الا الثلث من الأصل ، كما لا يفهم من إيجاب النصف للبنت أو الزوج مع عدم الولد الّا ذلك.
وأيضا فإنه تعالى لم يسم للأب مع الأم شيئا ، وانما يأخذ الثلثين ، لان ذلك هو الباقي بعد المسمى للأم ، لا لأنه الذي لا بدّ أن يستحقه ، بل الذي اتفق له ، فإذا دخل عليهما زوج أو زوجة ، وجب ان يكون النقص داخلا على من له ما يبقى وهو الأب ، كما ان له الزيادة دون صاحب السهم المسمّى وهو الام ، ولو جاز نقصها عمّا سمي لها في هذا الموضع ، لجاز ذلك في الزوج أو الزوجة ، وقد علمنا خلاف ذلك.
وحمل المخالف الآية على ان المراد للأم الثلث مع الأب إذا لم يكن وارث غيرهما ، ترك للظاهر من غير دليل.
وقولهم لما ورث الأبوان بمعنى واحد وهو الولادة ، وكانا في درجة واحدة ، اشبها
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ١١.