مولاه ، وعتق ، لم يثبت له عليه الولاء عندنا ، الّا ان يشترط عليه ، وعندهم يثبت واما المدبر فإنه يثبت عليه الولاء بلا خلاف ، وكذلك أم الولد (١).
قال محمد بن إدريس رحمهالله قوله رحمهالله في المكاتب والمدبر صحيح واضح ، لا خلاف عندنا فيهما ، وامّا أمّ الولد فلا ولاء عليها لأحد من جهة مولاها ، لما قدّمناه من الأدلة وبيّناه.
باب المكاتبة
المكاتبة مشتقة من الكتب ، وهو الضمّ والجمع ، يقال كتبت البغلة إذا ضممت أحد شفريها بحلقة أو سير ، ومنه قيل للجيش والناس المجتمعين « كتيبة » فكذلك المكاتبة ، اشتقاقها من هذا ، لانه ضم أجل إلى أجل ، وعقد المعاوضة على ذلك.
فدليل جوازها قوله تعالى « وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً » (٢) فأمر بالكتابة ، فإذا ثبت ذلك ، فهي أن يشترط المالك على عبده أو أمته تأدية شيء معلوم ، يعتق بالخروج منه اليه ، وهي بيع العبد من نفسه ، وصورتها ان يقول الإنسان ، لعبده أو أمته ، « قد كاتبتك على ان تعطيني كذا وكذا دينارا ، أو درهما ، في نجوم معلومة ، على انك إذا أديت ذلك فأنت حرّ » فيرضى العبد بذلك ، ويكاتبه عليه ، ويشهد بذلك على نفسه ، فمتى ادى مال الكتابة في النجوم الّتي سمّاها ، صار حرّا.
وهي على ضربين ، مشروطة ومطلقة غير مشروطة فإذا أدى المكاتب من غير شرط ، شيئا من مال الكتابة ، عتق منه بحسابه ، والمشروط عبد ما بقي عليه درهم.
ولا يجوز للإنسان وطي أمته المكاتبة ، سواء كانت الكتابة مطلقة ، أو مشروطة بلا خلاف ، فإن وطأها وكانت مشروطا عليها ، لم يحد ، لأنّ هناك شبهة يسقط بها الحد ، وان كانت غير مشروطة عليها ، وقد أدت من مال الكتابة شيئا ، كان عليه
__________________
(١) المبسوط ، ج ٦ ، كتاب العتق فصل في الولاء ، ص ٧١.
(٢) سورة النور ، الآية ٣٣.