شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله فان قوله في هذه المسألة ، هو الصواب ، وما عداه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ، والأصل المنع من التصرف في مال الغير إلّا بإذنه ، فمن ادعى قسمته والتصرف فيه ، فقد ادعى حكما شرعيا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، فالعاقل اللبيب يتوخى الانصاف ، فلا يسلم الى المتقدم إذا جاء بالرّدى لتقدمه ، فلا يبخس المتأخر حق الفضيلة إذا اتى بالحسن لتأخّره ، فمن العدل ان يذكر الحسن ولو جاء ممّن جاء ، ويثبته الآتي به كائنا ما كان ، فإن الحكمة ضالة المؤمن ، ويطرح الردي ولو جاء ممّن جاء ، فقد روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، انه قال انظر الى ما قال ولا تنظر الى من قال (١).
وقال شيخنا المفيد في مقنعته ، ومن مات وخلف تركة في يد إنسان لا يعرف له وارثا ، جعلها في الفقراء والمساكين ، ولم يدفعها الى سلطان الجور والظلمة من الولاة (٢).
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، ميراث من لا وارث له ينتقل الى بيت المال ، وهو للإمام خاصّة ، وعند جميع الفقهاء ينتقل الى بيت المال ، ويكون للمسلمين (٣).
وقال رحمهالله في مسألة أخرى ، كل موضع وجب المال لبيت المال عند الفقهاء وعندنا ، للإمام ، ان وجد الامام العادل ، سلم اليه بلا خلاف ، وان لم يوجد ، وجب عليه حفظه له عندنا ، كما يحفظ سائر أمواله التي يستحقها ، ثم استدل فقال دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا فإذا دفعه الى الامام العادل برئت ذمته بلا خلاف وليس على براءتها إذا دفعه الى الجائر ، أو صرفه في مصالح المسلمين ، دليل هذا آخر كلامه رحمهالله (٤).
ومعه في هذا الحق اليقين ، والدليل على صحة ما استدل به ، فنعم ما قال
__________________
(١) شرح مائة كلمة ، للبحرانى ص ٦٨.
(٢) المقنعة أبواب الفرائض المواريث باب ميراث من لا وارث له من العصبة ص ٧٠٦.
(٣) الخلاف كتاب الفرائض مسألة ١٤.
(٤) الخلاف كتاب الفرائض مسألة ١٥.