واستدل ، ولا يلتفت الى ما قاله (١) شيخنا في مقنعته ، فإنه خلاف أصول مذهبنا ، وإجماع طائفتنا ، ومصير الى مذهب المخالفين لنا.
والمهدوم عليهم والغرقى إذا لم يعرف ، تقدم موت بعضهم على بعض ، وكان يرث بعضهم بعضا ، ورث بعضهم من بعض ، من نفس التركة ، لا مما يرثه من الأخر ، لأنّا ان ورثناه مما يرثه ، لما انفصلت القسمة أبدا.
وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يورثه مما ورثه أيضا ، وهو اختيار شيخنا المفيد (٢).
والأول هو الأظهر بين الطائفة الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، لأن الإرث لا يكون الّا فيما يملكه الميت قبل موته.
وقد روى أصحابنا انه يقدم أضعفهم نصيبا في الاستحقاق ، ويؤخر الأقوى (٣) ، مثال ذلك زوج وزوجة ، فإنه يفرض المسألة أوّلا كان الزوج مات ، وتورث منه الزوجة ، لأن سهمها أقل من سهم الزّوج ، ويورث بعد ذلك الزوج.
قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة ، وهذا مما لا يتغير به حكم ، سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة ، إذا ورثنا أحدهما من صاحبه ، غير انا نتبع الأثر في ذلك (٤).
ونعم ما قال ومتى ورثنا أحدهما من صاحبه قدر ما يستحقه ، فما يبقى يكون لورثته الاحياء ، فان فرضنا في غرق الأب والابن ، أن للأب وارثا غير ان هذا الولد اولى منه ، وفرضنا ان للولد وارثا غير ان أباه أولى منه ، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب ، وميراث الأب لورثة الابن ، لأنا إذا فرضنا موت الابن أولا ، صارت تركته للأب ، وإذا فرضنا موت الأب بعد ذلك ، صارت تركته خاصة للولد ، وصار ممّا (٥) كان ورثه من أبيه لورثته الأخر ، وكذلك إذا فرضنا موت الأب ، يصير تركته خاصّة لورثة الابن ، وعلى هذا يجري أصل هذا الباب ، فان خلف أحدهما
__________________
(١) ج. ل. مقالة.
(٢) في المقنعة باب ميراث الغرقاء والعبارة هكذا ، وورث منها ما ورثته منه وما كان ملكا لها سواه ، ص ٦٩٩.
(٣) الوسائل ، الباب ٦ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
(٤) المبسوط ، ج ٤ ، كتاب الفرائض والمواريث ، فصل في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ١١٨.
(٥) ج. وصار ما كان ورثه من أبيه لورثة الآخر. ل. وصار ما كان ورثه لورثته الآخر.