ذلك واجبا لا تبرعا ، فهذا الضرب لا يجوز بيعه.
فإذا كان التدبير عن وجوب ، فهو من رأس المال ، وان كان عن تطوع فهو من الثلث.
وكيفيّة ذلك : ان يقول الإنسان لمملوكه « أنت حر بعد وفاتي ».
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : التدبير هو ان يقول الرجل لمملوكه : أنت رق في حياتي ، حرّ بعد وفاتي (١).
قال محمد بن إدريس رحمهالله عليه ، لا حاجة بنا ان نقول أنت رق في حياتي ، لأنّه لو لم يقل ذلك ، وقال أنت حرّ بعد وفاتي ، كان ذلك كافيا.
ومتى مات المدبر ، كان المدبر من الثلث ، إذا كان متبرعا بالتدبير ، على ما قدّمناه ، فان نقص عن الثلث انعتق ، ولا له شيء ، ولا عليه شيء ، فان زاد عليه استسعى ، سواء كانت الزيادة ضعفي الثلث ، أو أقل ، أو أكثر.
وقال شيخنا في نهايته ، ومتى أراد بيعه من غير ان ينقض تدبيره ، لم يجز له ، الّا ان يعلم المبتاع انه يبيعه خدمته ، وانه متى مات هو كان حرّا ، لا سبيل له عليه (٢).
إلّا ان شيخنا رجع في مسائل خلافه ، بان قال في آخر المسألة الرابعة من كتاب المدبر ، قال : دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم ، ثمّ قال : فامّا بيعه ، وهبته ، ووقفه ، فلا خلاف في ذلك انّه ينتقض بذلك التدبير (٣) ، ثمّ قال رحمهالله مسألة :
إذا دبره ، ثمّ وهبه ، كان هبته رجوعا في التدبير (٤) ، ثمّ قال مسألة : إذا دبره ، ثمّ اوصى به لرجل ، كان ذلك رجوعا (٥).
وقد قلنا ما عندنا في ذلك ، فامّا قوله رضى الله عنه انّه يبيعه خدمته ، فغير واضح ، لأنّ حقيقة البيع في عرف الشرع يقتضي بيع الرّقبة ، فحمله على بيع المنافع عدول باللّفظ عن حقيقته بلا دلالة ، بل شروعه في بيعه ، يقتضي الرّجوع عن التدبير
__________________
(١ و ٢) النهاية ، كتاب الطلاق باب التدبير.
(٣ و ٤ و ٥) الخلاف. كتاب المدبر مسألة ٤.