بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الدّيات والجنايات
قال الله تعالى « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ » (١) ، فذكر الله تعالى في هذه الآية ديتين وثلاث كفارات.
ذكر الدية والكفارة بقتل المؤمن في دار الإسلام ، فقال « وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ».
وذكر الكفارة دون الدية ، بقتل المؤمن في دار الحرب في صفّ المشركين ، إذا حضر معهم الصّف ، فقتله مسلم ، ففيه الكفارة دون الدية ، فقال ـ وان كان من قوم عدوّ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة » لأن قوله وإن كان كناية عن المؤمن الذي تقدم ذكره ، وقوله ـ من قوم ـ معناه في قوم ، لان حروف الصفات تقوم بعضها مقام بعض على قول بعض أصحابنا ، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في مسائل خلافه (٢) معتمدا على قوله تعالى ، « فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ » ولم يذكر الدية وتمسّك أيضا بأن الأصل براءة الذّمة.
والذي يقوى في نفسي ، ويقتضيه أصول مذهبنا ، ان عليه ، الدية والكفارة معا ، لقوله عليهالسلام المجمع عليه ـ لا يطل دم امرئ مسلم (٣) ، وقوله عليهالسلام في
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٩٢.
(٢) الخلاف ، كتاب كفارة القتل ، مسألة ٣.
(٣) الوسائل ، الباب ٢٩ ، من أبواب القصاص في النفس ، ح ١ ، الّا انّ لفظ الحديث لا يبطل.