قد ذكرنا ان الدية تغلظ في العمد المحض ، وعمد الخطأ ، وتخفف في الخطأ المحض ، فهذه مخففة ابدا الّا في موضعين ، المكان والزمان ، فالمكان الحرم ، والزمان الأشهر الحرم ، فعندنا انها تغلظ ، بان توجب دية وثلثا ، ولم يذكر أصحابنا التغليظ إلّا في النفس ، دون قطع الأطراف.
عندنا ان كانت العاقلة من غير أهل البلد ، أخذ منهم ما هم من أهله ، لأن الدية عندنا أما مائة من الإبل أخماسا (١) وأرباعا (٢) روى ذلك أجمع ، (٣) ، أو مأتان من البقر ، أو ألف من الغنم ، أو ألف دينار ، أو عشرة ألف (٤) (٥) درهم أو مائتا حلة ، والحلة إزار ، ورداء ولا تسمّى حلة حتى تكون ثوبين اثنين ، من برود اليمن ، أو نجران.
فعلى هذا التحرير تكون الدية على أصحاب الحلل ، أربعمائة ثوب ، فليلحظ ذلك ويتأمل.
فكل واحد من هذه الأجناس الستة ، أصل في نفسه ، وليس بعضه بدلا عن بعض ، هذا إذا كانت على العاقلة.
فاما ان كانت على القاتل ، وهو إذا قتل عمدا ، أو اعترف بالخطإ ، أو كان شبيه العمد عندنا ، فالحكم فيه كالحكم في العاقلة سواء ، عندنا.
إذا أوضحه موضحتين ، ففي كل واحدة منهما خمس من الإبل ، لقوله عليهالسلام في الموضحة خمس من الإبل (٦) ، ولقوله وفي المواضح خمس خمس (٧) ، فان عاد الجاني فخرق ما بينهما ، حتى صارا واحدة ففيها أرش واحدة ، لأنه صيرهما واحدة بفعله ، كما لو أوضحه ابتداء به ، لان فعل الواحد يبنى بعضه على بعض ، بدليل انه
__________________
(١) لم نتحقق نصّا يدل عليه وفي الجواهر ج ٤٣ ، ص ٢٣ ، وامّا ما عن المبسوط والسرائر ـ عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون وعشرون بنت لبون ، وعشرون حقة وعشرون جذعة ـ فلم نجد له شاهدا فيما وصل إلينا من النصوص.
(٢) ج. رباعا.
(٣) الوسائل الباب ٢ من أبواب ديات النفس ، ح ١ ـ ١٠.
(٤) ج : عشرة آلاف.
(٥) الوسائل ، الباب ١ من أبواب ديات النفس ، ح ١ ـ ٤ ـ ٩.
(٦) الوسائل ، الباب ٢ من أبواب ديات الشجاج والجراح ، ح ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ١٠ ـ ١٢ ـ ١٦ ـ ١٨.
(٧) سنن ابن ماجة ، باب الموضحة الرقم ٢٦٥٥ ، ج ٢ ، ص ٨٨٦.